رئيسيشبـاك

صناعة الأفلام في اليمن.. شغف في طريقه إلى النجاح (يسرى إسحاق أنموذجًا)

شباب هاوس.. عمران مصباح

في بلد يفتقر للعمل السينمائي، يصبح إنتاج فيلم هنا أو هناك محل احتفاء كبير.. أيًّا كان نوع الفيلم وجودته، فالتراكم هو الأهم؛ لِما سيجلب معه من أعمال كبيرة.
وفي ظل شحة الأعمال السينمائية، هناك شباب يعملون بكل جد، محاولين صناعة سينما تظهر موروث بلد بأكمله.
يسرى إسحاق، واحدة من هؤلاء الذين برزوا، مؤخرًا، في مجال صناعة الأفلام.. وبالرغم من أن دراسة يسرى كانت في إدارة الأعمال، إلا أنها شغوفة بالتصوير منذ طفولتها.

تقول عن ذلك: “أتذكر في طفولتي بالمدرسة، عندما كنا نقيم حفلة ما، كل طالب يساهم بشيء معين، وأنا كنت أجلب كاميرتي معي، وأقوم بالتصوير”.
مضت تسعة أعوام على خوضها هذا المجال، تتحدث عن مسيرتها تلك قائلة: “ابتدأت في الميديا بشكل عام في 2013، قبل أن أتخصص في 2015 في الأفلام الوثائقية، ثم خضت أكثر في المقابلات والقصص، وما إلى ذلك، وأعتبر القصص أهم شيء؛ لأنها توصل هدفي، وما أريد بشكل أفضل”، مضيفة أن تفاصيل الأماكن والناس هي بالتحديد ما تريد إظهاره لِما ينتج عن ذلك من حكاية بلد بأكمله.
تركز يسرى بشكل خاص على إنتاج الأفلام الوثائقية، قائلة إنها تفضل الابتعاد عن العمل النمطي أو الشغل على قصص هي محط أنظار، بل تفضل المختلف، حتى وإن كانت القصص واقعية، المهم ألا تبدو جافة، وتضيف: “أهتم بأن يحضر فيها عنصران، الأول القصة الإنسانية، والثاني حضور المشاعر التي يجب إيصالها عبر الفيلم”.


وفي وصف تخصصها هذا، تقول يسرى: “القصص ترسم ملامحنا كأشخاص، كما أن تخليد ما نعيشه في الذاكرة شيء مهم، لرسم لحظتنا”.. وتضيف أنها تتمنى لو أنها تلمّ كل القصص التي بإمكانها أن تصنع ذاكرة بصرية لليمن.
كما تقول إن وضع الحرب في اليمن، قد جعلهم – للأسف – يقومون بتوثيق شيء في الأساس “نحن نريد نسيانه”، حسب تعبيرها، وذلك “لأن القنوات والمنظمات وغيرها تريد توثيق هذا الأمر”، مشيرة إلى أنها تشعر بالأسف لتوجه التركيز على تلك الأشياء، وإغفال تخليد الأشياء الجميلة التي تصلح للعودة إليها مستقبلاً، وهي باعثة على المشاعر الجميلة.
تقول يسرى إنها مهتمة جدًّا بالقصص، وحريصة على استخراج أعمق ما في تلك القصص، وتوصيلها بطريقة مختلفة، بعيدًا عن القشور السطحية، مضيفة أن بحثها في داخل تلك الطبقات الهدف منه توصيل الحكاية مكتملة، وكما يجب.

“قُمرة” أول أكاديمية يمنية متخصصة في صناعة الأفلام


بفعل عملها ونشاطها الدؤوب، استطاعت يسرى بالشراكة مع رفيقتها سارة إسحاق، تأسيس مركز لصقل المهارات لدى صنّاع الأفلام يتم فيه تدريب المتقدمين وتأهيلهم لمدة تتراوح من عام إلى عامين، يكتسبون فيها خبرة أكاديمية تؤهلهم لخوض مشوار صناعة الأفلام بكل ثقة، ومع الوقت استطاع هذا المركز أن يرقى إلى كونه أكاديمية لصناعة الأفلام تحت اسم “قمرة”.
بعيدًا عن كل الإنجازات، تعتبر يسرى أن جعل قمرة هي المحطة الأولى لصقل المهارات لدى صنّاع الأفلام أهم ما قامت به رفقة شريكتها سارة إسحاق، قائلة: “هناك الكثير من الشباب الشغوفين، لكن خوضهم العمل لدى جهات إعلامية، يتطلب من هم الخبرة، ونحن نقدم لهم هذا الشيء، وبعد عام أو عامين يصبح لديهم الخبرة الكافية”.
وفي تفاصيل ما تقدمه قمرة، التي تمثل إضافة مهمة في صناعة السينما في اليمن، تقول يسرى إنهم يمضون في خطين متوازيين: (الإنتاج والتدريب)، مضيفة: “كان هذا الشيء يحدث في البداية بشكل مختلط، لكن عندما توسعنا بشكل أكبر في التدريب، قمنا بفصله عن الإنتاج، وأسسنا الأكاديمية، وحتى اللحظة استطعنا تسجيل الأكاديمية في أمستردام، وتترأسها سارة إسحاق، بينما أنا أتولى الإنتاج هنا”.


تضيف يسرى متحدثة عن أنشطة قمرة: “تقريبًا قدمنا مخيمات كثيرة، من ضمنها دورات متقدمة ودورات أساسية في صناعة الأفلام، وحتى اللحظة قمنا بتأهيل أكثر من خمسين صانع وصانعة أفلام، معظمهم يعملون في سوق العمل”.
أما المهمات الإضافية التي تقدمها قُمرة، بعيدًا عن التدريب المباشر، وإنتاج الأفلام، فهناك نوع آخر أقرب للاستشارات، تسميه يسرى جلسات إرشادية، قائلة: “هذا النوع من الجلسات لا يتم تقديمه للمبتدئ والذي يحتاج إلى المزيد من التدريب، بل لأشخاص أصبح لديهم إلمام بالأساسيات، ويكون لديهم مادة فيلمية يعملون عليها، فنقوم بعمل جلسات معهم ليطوروا من مادتهم ويستفيدوا من الملاحظات التي تقدم لهم، أما عندما نجد فيلمًا ممتازًا، فإننا نبحث لهم عن منح، ونقوم كذلك بإنتاجها هنا، عن طريق قُمرة، ونشتغل لهم كل مراحل الأفلام المستقلة”.
وعن خط إنتاجاتهم الذي يمضون عليه، في الوقت الحالي في قُمرة، تقول يسرى إسحاق: “مشاريعنا الحالية كشركة إنتاج.. الاشتغال على إنتاج أفلام مؤسسية لشركات يمنية كبيرة، والاشتغال كذلك على أفلام وثائقية لقنوات ومنظمات، وهدفنا السعي لتطوير ما نقدمه في المستقبل، والعمل على الارتقاء في جودة الإنتاج اليمني”.
وتضيف: “من المهم جدًّا أن يكون لدى صانع الفيلم هدف يريد إيصاله، لأن صناعة الأفلام فن وطريقة للتعبير عن شيء تريد إيصاله، وليست تصوير أيّ فكرة تخطر في ذهنك”، مشيرة إلى أنها تفضل الاشتغال على ما هو متسق مع أفكارها، وتظل تشتغل على هذه الفكرة كثيرًا لتطويرها، والارتباط عاطفيًّا بتلك القضية التي تريد إظهارها.

أسعى لإيجاد سينما مختصة بعرض الأفلام الوثائقية والروائية


عن طموحها المستقبلي، تقول يسرى إنها، وقبل كل شيء، تتمنى وجود سينما بديلة في اليمن، لعرض الأفلام الوثائقية والروائية، وكل أنواع الأفلام، بالأخص المستقلة؛ كونها هادفة أكثر من التجارية.
وتضيف: “بشكل عام، أتمنى أن يكون هناك نشاط كبير، في اليمن، في مجال السينما”.
وعن التوجه نحو المجال السينمائي اليمني، عمومًا، تقول يسرى إن هناك عددًا كبيرًا من الشباب في اليمن اتجه نحو هذا المجال، رغم افتقار اليمن للجانب الأكاديمي.
وتقول إنهم في “قمرة” يحاولون ملء ذلك الفراغ التأهيلي، مضيفة: “جميعنا ما زلنا نتلمس الطريق، ونعتبر أنفسنا في الخطوات الأولى”.

عقبات لا عوائق

ومثل أي مجال هناك عوائق وعقبات تواجه صناعة الأفلام، عن ذلك تقول يسرى: “لا يوجد عوائق، بل عقبات قد تؤخر العمل، لكنها لا توقفه أبدًا”.
وتضيف يسرى أنه بإمكانها صناعة الأفلام وإنتاجها من أي شيء بسيط، وفي المتناول، وتصنع منه قصة تستحق المشاهدة، وهذا ما يميّز صناعة الأفلام، حسب قولها.
ومع ذلك تقول يسرى: إن صناعة الأفلام ليست بالشيء السهل، فلا يكفي فكرة، والقيام بتصوّرها، بل لا بد من تصوير وإنتاج، وما بعد الإنتاج توزيع أيضًا.. هكذا يمكن لصناعة الأفلام أن تتطور وتستمر في اليمن.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى