برواز

الفنانة فاطمة مثنى: من اذاعة المدرسة إلى مسرح أم كلثوم

شباب هاوس.. عمران مصباح

الفنانة الغنائية فاطمة مثنى، إحدى المواهب الغنائية التي برزت مؤخرًا، وأحد الموهوبين الذين استطاعوا الوصول لمستوى النجاح الذي يحلمون به، على الرغم من وجود الصعوبات التي تعوق صعودهم، من بينها الحرب.. وعلى الرغم أيضًا من أن الشابة التي ولدت في محافظة عمران، ابتدأت الغناء منذ وقت مبكر، قبل أن تتوقف لفترة ما، إلا أنها، ومع عودتها في الفترة الأخيرة، حققت انتشارًا كبيرًا، واستطاعت تقديم العديد من الأغاني، كما صعدت على مسارح مختلفة ومميزة.

سافرت إلى مصر لتتأهل أكاديميًّا، وشاركت مع عدة فِرق للغناء في أهم المسارح عربيًّا، وغنت الصولو (الغناء المنفرد) كتجربة متميزة. 

منصة “شباب هاوس” التقت الفنانة الشابة فاطمة لتتحدث عن بدايتها، وما الذي حققته حتى اللحظة، وما إذا كانت تعتبره إنجازًا، بالإضافة إلى مستوى التطور الذي حصلت عليه من التأهيل الأكاديمي، وكذلك عن أحلامها المتبقية، وطموحها الذي لم يتحقق بعد.

تقول فاطمة مثنى: “بدايتي كفنانة كانت من المدرسة، عبر الحفلات الخاصة، وبعدها توسعت إلى المنطقة والمحافظة، ومن ثم انتقلت إلى تسجيل أغانٍ وألبومات، بالإضافة إلى إحياء مهرجانات في عدة محافظات، وإحياء مناسبات وطنية وإنسانية”. 

وتشير إلى أن بداياتها كانت في إنتاج أناشيد وألبومات في عام 2003 تحديدًا، بالإضافة إلى إنتاج ألبوم أعراس نسائية مع المنشد خالد الضبيبي، والذي بعدما لمس نجاح الألبوم أنتج لها عدة البومات.. تضيف: “بالجد والاجتهاد، وحب الشيء الذي تقوم به، تستطيع النجاح، والوصول”.

وعمّا حققته فاطمة حتى اللحظة، وما الذي تعتبره إنجازها الكبير، تقول: “لا يزال أمامي الكثير لأنجزه وأحققه، وأي عمل أقدمه، أو أيّ فعالية أشارك فيها، أرى بعدها أنني بحاجة لمزيد من العمل، والإنجاز”.

في ما يخص علاقة الشباب بالإرث الفني الموجود، ورأيها في هذا التراث، وغنائه الذي أصبح حملاً ثقيلاً على الشباب، كما يرى البعض، تقول فاطمة مثنى: “الإرث الفني اليمني الموجود مادة ثرية وغنية تعطينا حافزًا للإنتاج وإعادة إحيائه، وهو ليس محاصرًا للشباب، بالعكس تمامًا هو مادة تفيدنا جميعًا إنْ أجدْنا إعادتها وإحيائها”.

تضيف: “إننا بحاحة ماسة لخلق جمهور يمني شبابي يتمتع بذائقة فنية عالية مميزة، ولن نجد ما هو أجمل من إرثنا الفني لتحقيق هذا الهدف”.

وعن اللون الغنائي الذي تريد أن يطغي على غنائها، تقول فاطمة بأنها تميل جدًّا للطرب، وتحاول جاهدة إعادة أغانٍ طربية تناسبها، وتناسب صوتها، وحتى أغانيها الخاصة تحاول أن يكون لونها طربيًّا، حسب تعبيرها.

أما قدوتها في الوسط الفني، وكيف تنظر لوضع الفن اليمني في الوقت الحاضر، فتقول فاطمة مثنى بأن قدوتها هو الإرث المتروك من عمالقة الفن اليمني، وبأنها لا تقتدي بشخصيات، بل بما تركوه من إرث فني وأنها تحاول جاهدة السعي في نفس مسارهم، بمحاولة اختيار وانتقاء كل ما تقوم بغنائه بعناية تامة.

وتستطرد أكثر عن رأيها: “الفن اليمني يُذكر في كل مكان بأنه من أقدم وأرقى الفنون، نشأته ثرية ومتنوعة، وتطغى في هذه الفترات أنواع من الفنون لا أستطيع التقليل من شأنها، أو انتقادها بسوء؛ لأن لها جمهورها الخاص، لكنها لا تروق لي، لإيماني أن الفن رسالة سلام وحب وعاطفة، رسالة تسمو بأرواحنا.

وتتابع: “أحاول جاهدة في أي عمل أقدمه على اختيار الكلمة قبل كل شيء، وكذلك الرسالة والفكرة والمعنى لأنهم أهم عناصر نجاح العمل الفني، وهذا طبيعي، فلا بد أن تختار بعناية المحتوى الذي تقدمه والفكرة والهدف والرسالة التي تسعى لإيصالها للجمهور، بعد ذلك يأتي اللحن وباقي عناصر العمل الفني”.

عن إمكانية نجاح الفنان اليمني الشاب، وهل هناك دعم من نوعٍ ما يتلقاه، تقول فاطمة مثنى: “هناك إمكانية كبيرة لنجاح الفنان اليمني الشاب إنْ أحسن اختيار ما يقدمه، حتى وإن كان جمهوره محدودًا، إلا أنه ذو رسالة، وجمهور واعٍ، أما الدعم فلا يوجد مؤسسات خاصة فنية تدعم الفنانين إلا ما ندر، وهي عبارة عن مبادرات شخصية من أشخاص مؤمنين بالفنان، ولا يوجد حتى قنوات فنية خاصة بعرض الفن اليمني وأخبار الفنانين وأعمالهم، وإظهارهم أكثر.. هناك قصور كبير في هذا الجانب”.

عن قلة الإنتاج عند الشباب اليمني، والمشاكل التي يواجهها هؤلاء الفنانون، وتمنعهم من إنتاج مزيد من الأغاني، تتحدث فاطمة، قائلة: “الإنتاج يحتاج للمادة، والفنان في بلدنا غير مدعوم، الدعم يذهب لمن لا يستحقه، ولمواضيع وأفكار محددة”.

وتضيف: “غالبية الفنانين ينتجون أعمالهم ذاتيًّا، وكل مرحلة في العمل الفني تحتاج للمادة من أول عنصر، وهو عنصر الكلمة، إلى آخرها وهو الإنتاج المرئي، ومع ذلك نحن نقوم بعمل جيد جدًّا؛ كوننا ننتج في ظروف صعبة على البلد والمواطن، ونحاول جاهدين تقديم مادة فنية جميلة لنحمي إرثنا الفني من الاندثار”.

في العصر الحديث، هناك وسائل تساعد على نجاح الكثير من الفنانين، ومنها السوشال ميديا، والتي تظهر الفنان، وغير الفنان..  تنظر فاطمة للأمر بالقول: “السوشال ميديا أصبحت منبرًا للجميع، فالكل يستطيع أن يظهر من خلالها، مع أنها تساهم في إظهار الجيد والرديء، لكن في الأخير لن يبقى ويدوم سوى من يحمل رسالة، وهو مؤمن بها”.

وعن تقييمها لتجربتها القصيرة، وما الذي تطمح له في المستقبل، تتحدث فاطمة قائلة: “لا أستطيع أولاً أن أسميها تجربة، فالتجربة بنظري قد تنجح وقد تفشل، أنا أسعى، وفي كل مرة، أن أخوض في شيء جديد، وأقدم ما بوسعي، وبتقييم مَن هم حولي وإخصائيين كبار في المجال الفني أنجح، وما زلت أسعى وسأظل، كما أطمح للكثير، والذي سأحققه بإذن الله”.

منذ أكثر من عام، انتقلت فاطمة مثنى للدراسة في مصر، وظهرت هناك في عدة مسارح للغناء، عن ذلك التأهيل، ومزجه بالموهبة تقول فاطمة: “سافرت مصر للالتحاق بأكاديمية الفنون عبر منحة دراسية خاصة بادرت مؤسسة توكل كرمان بمنحي إياها، ولها كل الشكر والعرفان؛ كونها قدمت لي ولغيري ما لم تقدمه لنا الدولة، وهذه الدراسة الأكاديمية أضافت لي الكثير، وأكثر مما توقعت،  

كما أنني شاركت في القاهرة بفعالية نغم يمني على ضفاف النيل، والتي كانت فعالية اوركسترالية يمنية، تنقل أنغام الفن اليمني بعزف أوركسترالي بقيادة المايسترو محمد القحوم، وبالرغم من أنها كانت مشاركة بسيطة، لكنها أضافت لنا الكثير وجعلتنا نشعر بالاعتزاز والفخر بهذا الفن العريق والأصيل”.

كما شاركت فاطمة مؤخرًا مع فرقة أم كلثوم بالإسكندرية.. عن تلك المشاركة، تقول: “كانت في واحد من أهم وأكبر مسارح مصر، مكتبة الإسكندرية، وهي عبارة عن إحياء فعالية طربية مع فرقة أم كلثوم للموسيقى العربية، وكنت إحدى الفنانين الذين غنوا صولو -“أي غناء فردي” – في الحفلة، وهذا نادرًا ما يحدث في الفرقة بأن تصعد، وتغني من أول حضور لك، وكان بقيادة الدكتور محمد عبدالستار المايسترو الذي يرأس قسم الغناء في أكاديمية الفنون، والذي يعتبر من أهم دكاترة دار الأوبرا، ويمارس مهنة تدريس الغناء العربي منذ أكثر من 34 سنة.. أن أتعلم وأتدرب، ويُعجب بأدائي ويختارني لأشارك في حفلاته وفرقته شخص له هذا القدر الفني، فهذا يعني لي الكثير، والكثير جدًّا.. فخورة جدًّا بهذا الإنجاز”.

عن مجموعة الأغاني التي قدمتها حتى الآن، وهل هناك أغنية قريبة لها أكثر من الأخرى، أو أغنية قرّبتها من الجمهور أكثر، ترد فاطمة: “جميع ما قدمته من الأغاني قريبة لي، ولقلبي ولا أقدم شيء إلا وأنا أحبه، لكن قد تكون أغنية “أغار عليك” سببًا لعودتي بقوة؛ كوني كنت قبلها قد اختفيت قليلاً، أو انشغلت بحياتي الشخصية، لكن – كما قلت – جميع الأغاني أراها قريبة لي، وفي كل مرة أغني أغنية أشعر أنني أصعد معها، وبها إلى الأعلى”.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى