رئيسيشبـاك

الدراما اليمنية.. فجوة السيناريو وغياب الحس الإبداعي

شباب هاوس – صلاح الحقب

خلّفت الدراما اليمنية في عقدها الأخير رقعة جدل واسع تزيد مساحته وحِدّته عامًا بعد آخر وسط آمال عريضة بتحسّن صورتها وطابعها وفكرتها ونتاجها وفقًا لرؤى يضعها الجمهور بطابع نقدي من شأنه تلخيص تأثير ذلك النتاج عليهم، في حال عمل المنتجون على قياس ذلك التأثير ودراسته بصورة منهجية تمكنهم من تقييم العمل الدرامي، وتفنيد نقاط الضعف التي ساءت الجمهور، لمعالجتها بصورة تروقهم، ونقاط القوة التي التمسها المتابع حتى يعززوها ويطوروها.

وفيما قد يرى القائمون على الدراما بأن المشاهد عنصر خامل، وما وجد العمل الدرامي إلا ليُمثل ويُعرَض، وما على الجمهور إلا التلقي والمشاهدة، يؤكد مختصون بأن ذلك تجاوز لعنصر أساسي اسمه “اعتبار الجمهور” بصفته الكيان الذي تمثله عناصر العمل الدرامي.

الإنسان اليمني وطبيعته كما جسدته الدراما 

الدراما التلفزيونية بطبيعتها تجسيد لواقع المجتمع الذي تمثله في نتاجها، وتشكل الصورة الأولى لطبيعة مجتمعها ونظرة المجتمعات الأخرى لهذه الطبيعة، ولعل تلك النظرة تصبح فكرة نمطية قد لا تتغير ما دامت تلك الصورة ثابتة بذات الطابع في كل ما تقدمه الدراما.

حمزة ذياب (طالب إعلام) يرى أن “الأعمال الدرامية التي تعرض على الشاشة في ‎رمضان، تصور اليمني على أنه ذلك الإنسان الفقير المتخلف الأهبل المنقطع عن العالم الخارجي وحضارة العصر”.

ولا تختلف هذه الرؤية لدى الكثير من الجمهور، نتيجة الطبيعة التي يظهر بها الممثل اليمني في كثير من المسلسلات. 

ويرجع بعض الناقدين ذلك إلى قصور في فهم الطبيعة الفنية والوعي الكامل بالتمثيل، إذ يظهر اليمني بصورة باهتة تفتقر لأدنى مقومات الحضارة وتفاصيل العصر، فتلمح مظهره الرث والمتخلف، كل ذلك بغرض إضفاء طابع الكوميديا والفكاهة.

ولعل هذه النقطة تحديدًا قد تبدلت بشكل جزئي في أعمال درامية عُرِضت هذا العام، إلا أنها من أكثر النقاط التي علّق عليها الجمهور في مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة لاقتناص تفاصيل الإعاقة في الحديث والحركة، والظهور بها بحالة عجيبة ومقززة.

ويستنتج من ردود الجمهور القاسية، أن الصورة التي جسدتها الدراما طيلة الأعوام السابقة ليست حقيقية تمامًا، وأنها مغايرة للواقع.

حقيقة غائبة

لا تغيب صورة اليمني واقعًا، وإن تجاهلتها الدراما اليمنية في مجالات عِدة، فاليمني وإن غلبت عليه الظروف، لا سيما ظروف الحرب، إلا أن روحه المتوهجة ما تزال في خضمها، محبًّا للحياة، على عكس ما تظهره الدراما اليمنية التي تشوه آدميته. 

في هذا الشأن تقول  الكاتبة “ميمونة عبدالله” لـ”شباب هاوس”: “لو أن الدراما هي الوجهة الوحيدة التي تعكس أو تظهر طبيعة الشعوب للعالم الخارجي، لَكُنا مسخرة الشعوب، فالفن والأدب – على سبيل المثال – نوافذ إلى ثقافة الشعوب وجوهرها، ومع أن حظنا كيمنيين من الفن والأدب كان عظيمًا بالنظر في تاريخنا، إلا أنه في الدراما مخجل للأسف، فالدراما اليمنية مذ عرفتها، تظهر شخوصًا لا تشبه مجتمعنا في شيء!”

وضمن إطار الهوية الفنية، تبقى الأغنية اليمنية غائبة بشكل كبير، فيما لو نظرنا لطبيعة الدراما العربية ككل، أو العالمية. 

على سبيل المثال، عملت الدراما التركية في العقد الأخير على تجسيد طبيعة الفنون التركية، إذ وظفت الأغاني التركية القريبة من الذائقة الشعبية بديلاً عن الموسيقى التسجيلية في كثير من المشاهد، كما لو أنها تقرب طبيعة العمل الدرامي من حياة مجتمعها أولاً، وتبرز هويته الفنية للعالم ثانيًا، بينما الدراما اليمنية غيّبت عن مجتمعها جزءًا كبيرًا من الأغنية اليمنية، رغم تعلق المجتمع اليمني بتراثه الفني الذي مثّل له طابعًا مثاليًّا لهويته في الحب والوطن والزراعة والحياة بشكل عام.

في الدراما اليمنية نلمح جزءًا طفيفًا جدًّا من ذلك الحضور في مسلسل “العالية”، من إخراج “وليد العلفي”، بمشهد مثّل طقسًا من طقوس الأفراح، صاحبته أغنية شعبية تُعرف بـ(الملالة)، ومن مسلسلات الأعوام الماضية مسلسل “غربة البُن”، من إخراج وليد العلفي وتأليف “صلاح الوافي”، حضرت أغنية “الحب والبن” للفنان الكبير “علي بن علي الآنسي”، وهو حضور عابر في مشاهد بسيطة، بينما شهدت الأغنية اليمنية باتساعها وتعدد ألوانها، غيابًا ملحوظًا في معظم النتاج الدرامي.

آراء وقناعات

في الوقت الذي يعتقد بعض الجمهور والمتخصصين في جانب الدراما، أن الإنتاج الدرامي المحلي لا يزال عاجزًا عن تجسيد الواقع بحقيقته؛ إذ تمضي الدراما بنهج مختلف عن طبيعة الواقع المُعاش، يرى آخرون خلاف ذلك.

وفي هذا السياق، يقول المخرج “وليد العلفي” في تصريح لـ منصة “شباب هاوس” إن الدراما اليمنية لم تستطع تجسيد الواقع اليمني بصورة كاملة وطبيعة شاملة، إنما بصورة بسيطة، حتى مع محاولاتها المتكررة في كثير من الأعمال، إلا أنها تناولتها في إشارات وإسقاطات محددة.

وأرجع العلفي السبب في ذلك إلى طبيعة الوضع السياسي والقيود المفروضة على العاملين في الإنتاج الدرامي، وطبيعة توجه القنوات المختلفة لجهات معينة.

ويقول العلفي إن الوضع السياسي في اليمن :”جعلنا مقيدين، حيث صَعُب علينا تناول القضايا التي يعيشها المجتمع في الوقت الراهن”.

وبرزت طبيعة المشكلة في انحسار الدراما اليمنية لنمط محدد، ومحتوى شبه مكرر، إذ تلجأ لتناول قضايا من شأنها إثارة متعة الجمهور بطابع الكوميديا، أو توجهها لتناول القضايا الاجتماعية التي تسردها من الماضي في مجتمع محصور بجغرافيا معيّنة، مهما خالفت طبيعة ذلك الواقع.

من جانبه يؤكد الشاعر “زهير الطاهري” أن: “الملامح التي تبدو في كل المسلسلات لا تشبهنا، ولا تفصح إلا عن أزمة إخراج واضحة، فما يحدث هو أن المخرج اليمني يهرب دائمًا إلى الماضي أو القرية في التمثيل، كحل لمشكلة الملابس النسائية التي تقتضيها حياة المدن؛ لذا تظهر الفتيات دائمًا بملابس غريبة عجيبة، لا شيء يربط بينها”.

ويشير الطاهري إلى طبيعة تلك الصورة، وفق رؤيته، قائلاً: “هذه الصورة ليست صورتنا.. لا صورة القرية، ولا الماضي حتى، بل هي صورة كاريكاتيرية مشوهة، خليط من الماضي والحاضر، من القرى والضواحي، ولا داعي لها، فلا حاجة لدراما لا نجد أنفسنا فيها”.

وفي رؤية ناقدة للكاتب “محمد عبدالرقيب النعمان”، أوردها ضمن مقال له في موقع “الرصيف برس”، يقول “إن هذه الدراما اليمنية الهزيلة ليست أكثر من اجتهادات شخصية فاقدة للمعرفة والوعي، تشوه المجتمع اليمني، وتقدمه هزيلاً، وتظهره بأبشع صورة، وهي بذلك بناء عشوائي بلا أسس ولا قواعد، ونبت شيطاني ظهر فجأة بحكم الحاجة التي فرضتها الضرورة”، حسب تعبيره. 

منصة ” شباب هاوس” ركزت على آراء بعض المشاهدين حول طبيعة الدراما اليمنية مقارنة بالواقع، بصورة مختلفة، في هذا الصدد يقول الناشط “أحمد صالح الجبلي” لـلمنصة إن المسلسلات اليمنية لا تختلف كثيرًا عن مجمل الحياة الثقافية للبلاد في الوقت الحالي. 

ويضيف الجبلي: “بما أننا بلد مطحون يعجز عن إنتاج المعرفة وخلق الإبداع إلا بحدود ضيقة، فإن أبسط نظرة منصفة في الموضوع ستقودنا إلى حقيقة أن تدني مستوى الدراما اليمنية بما تقدمه يعكس تدني المستوى الثقافي والمعرفي والاجتماعي، وذاك ما صنعته الحرب طيلة هذه الأعوام”.

بين التطور والانحسار

بعض من أعمال الدراما اليمنية شهدت تطورًا ملحوظًا في بعض الجوانب الفنية، أبرزها مسلسل “العالية” من إخراج وليد العلفي، والذي يعد أول عمل درامي يمني يعرض على قناة عربية، وتم تصويره بكاميرا سينمائية بإشراف مدير التصوير والإضاءة السوري المحترف “بيبرس الجركس”، الذي مثّل إضافة مميزة منحت العمل نسقًا دراميًّا متسقًا من الناحية البصرية، كما يرى مختصون.

مساعد مدير التصوير والإضاءة في مسلسل العالية “محمد المليكي” يسرد تجربته في التصوير لـ”شباب هاوس”، قائلاً: “بأنها كانت تجربة حافلة وثرية جدًّا، منحت العمل الدرامي بُعدًا احترافيًّا عاليًا ومختلفًا عن الشكل الذي اعتدنا عليه في سابق الأعمال”.

المليكي يرى أن الطاقم الفني في كل شركات الإنتاج بحاجة إلى تأهيل في استخدام هذه التقنية والأساليب لكي تستمر الأعمال الدرامية بهذا المستوى المتقدم.

ويعتقد المليكي أن الأمر بحاجة إلى خبرة وتأهيل وتدريب، معبرًا عن مدى الاستفادة التي قدمها لهم المصور السوري بطاقمه الفني.

يقول المليكي: “أدوات الإضاءة أو الكاميرا السينمائية يمكن لأي شخص أن يتعلم عليها ويجيدها ، لكن يبقى فارق الخِبرة والتجربة هي الفجوة المحورية بالموضوع، وبالتالي أنا تعلمت على هذه الأداة وحصلت على تجربة وخبرة سنين، نقلها إلينا المصور السوري بيبرس الجركس خلال شهرين مع فريق متمكن في هذا المجال”.

سلطان الحضرمي، المصور السينمائي المسؤول عن “الفوكس بلور” بمسلسل العالية، في حديثه لـ”شباب هاوس”، يرى أن الدراما اليمنية من الناحية الفنية تطورت.

يقول الحضرمي: “إن ما يميز الجانب الفني في مسلسل العالية وبعض المسلسلات الأخرى هو منهجية تخصيص الجوانب الفنية، الأمر الذي جعل من الصورة الدرامية متماسكة وثابتة”.

كما يرى الحضرمي أن تعدد المهام لدى الشخص الواحد يسبب ضعفًا كبيرًا في العمل الفني للدراما.

أما من ناحية المحتوى ومستوى الأداء التمثيلي في أغلب المسلسلات الأخرى، فقد لاقت نقدًا واسعًا لاعتبارات عديدة، أبرزها “أن الرؤية الإخراجية لمعظم الأعمال الدرامية بقيت محافِظة على طابعها التقليدي وفقًا لمحتوى النص المكتوب للقصة الدرامية، النص الذي اعتبروه محور المشكلة، واصفين إياها بـ”أزمة النص”.

وفي هذا الصدد، يقول الصحافي نشوان العثماني إن: “الدراما اليمنية تعاني من سوء حاد في السيناريو والإخراج والتمثيل، وبذلك تفتقد تقريبًا لجُلِّ طابع الإبداع”.

ولأن السيناريو هو الركن الأساس في بناء العمل الدرامي، فإن ضعفه يعني ضعف العمل الدرامي مهما كانت امتيازاته الفنية، ويتساءل الكثير عن سبب هذا الضعف، وما الذي يحتاجه السيناريست لتطوير محتواه وتجاوز مشكلته التقليدية.

حيث يذكر الروائي والسيناريست “وجدي الأهدل”، في مقال له على موقع اليمني الأميركي، أبرز المشكلات التي تواجه السيناريست، مشيرًا إلى الحقوق الفكرية للمؤلف، تلك الحقوق التي تُسرق من الكُتّاب، واصفًا خطر هذه المشكلة بقوله: “إذا لم تُعالَج فستظل الدراما اليمنية عرجاء”.

وأشار إلى أن الأجور الضئيلة التي يتقاضاها كُتّاب السيناريو لها تأثير في نفور الكُتاب المبدعين.

ولفت الأهدل إلى مشكلة القيود الرقابية للجهات المختصة قائلاً: “الجهات المختصة بالإنتاج الدرامي في اليمن تضع من جانبها قيدًا على إبداع السيناريست اليمني عندما تطلب نوعًا واحدًا فقط من الدراما: الكوميديا”، حدّ قوله.. منوهًا إلى أن الدراما اليمنية تفتقر إلى السيناريو الرفيع المستوى.

ويقترح الأهدل إنشاء كيان نقابي خاص بهذه الشريحة من المبدعين، أو عمل ميثاق شرف يوقع عليه العاملون في هذه المهنة، بحيث يحفظون حقوق الملكية الفكرية لأعمالهم عن طريق توثيقها في النقابة، ويعالجون تدني الأجور عن طريق وضع حد أدنى للأجور يلتزم به جميع أعضاء النقابة، مما سيضطر الجهات المنتجة إلى الاستجابة لطلباتهم.

ومهما كانت مستويات النص المكتوب، فإنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالممثل الذي سيقدم الدور المناط به، وقد يدرك كتّاب السيناريو، الفجوة التي تُخلق بين النص والممثل نتيجة قلة الوعي لطبيعة الظهور والأداء، أو طبيعة جهة الإنتاج، وحتى طبيعة النص نفسه.

المخرج العراقي “فلاح الجبوري” سخر من أبرز نجوم الدراما اليمنية بالقول: “صلاح الوافي وصلاح الجماعي خرجوا عن التغطية في هذا الموسم، نتمنى في المواسم القادمة ألا يسلموا رقابهم لمن هب ودب”.

ضمن إطار العاملين في الدراما اليمنية، يرى الممثل الشاب “حسام الشراعي” أن التمثيل وأداء الدور يعتمد على بناء شخصية جديدة لا تشبه شخصية الفنان الواقعية على الإطلاق.

ويشدد “الشراعي” في تصريح لـ”شباب هاوس” على أهمية بناء الشخصية بعد قراءة النص من عدة جوانب، أبرزها الشكلية والنفسية والإيديولوجية للشخصيات، ثم الظهور بطبيعتها، وهذه عملية معقدة قد يصعب على الفنان إتقانها بسهولة، حسب قوله.

ولعل تكرار الوجوه التي اقتصر المخرجون عليها وفقًا لسياسات شركات الإنتاج والقنوات، أحدث رتابة وعجزًا إبداعيًّا في الأعمال الدرامية، وهذه نقطة أثارت جدلاً واسعًا زاد من حدتها أدوار الممثلين في مسلسلات عديدة مثل “دكان جميلة” ومسلسل “خارج التغطية” ومسلسل “سر الغراب”، حتى إن مواقع التواصل الاجتماعي شهدت حملة نقد حاد للممثلين، وصفها البعض بحملة عدائية، وخروج عن الموضوعية.

ويتابع الممثل “الشراعي” لـ”شباب هاوس”، أن المخرج يقوم باختيار الممثلين الذين تعوّد عليهم حتى يضمن نجاح العمل، مؤكدًا أن اختيار فنان جديد لأداء شخصية هي مجازفة في نظر المخرج قد تؤدي إلى فشل العمل الفني.

لا تكاد الآراء تختلف حول مشكلة الوعي التي تؤثر بصورة مباشرة في أداء الممثل، وتشكّل شخصيته الدرامية، ويرجع ذلك لاحتراف الممثلين عملهم دون الاستناد للأسس العلمية والفنية بهذا المجال.

الصحفي “سام البحيري” هو الآخر يتحدث عن طبيعة التمثيل الدرامي قائلاً: “غياب المسرح والسينما والدراسة الأكاديمية المتخصصة في هذا المجال أثرت بشكل سلبي في النتاج الدرامي، والممثل ينتهج عمله استنادًا للهواية والممارسة، واختيار الوجوه التي تملك شهرة شخصيات “يوتيوبر” ممن يظهرون بالمحتوى “الكوميدي الساخر”، وهذا يعني أن الجدية مفقودة لدى بعض الممثلين”.

تباينات

ولا تزال رؤى الجمهور المتخصص والجمهور العام في تباين مستمر حول الدراما اليمنية، ولعل الآراء الناقدة تغلب في طبيعتها، ويبقى الأمر الأكثر جدية وأهمية في هذا الشأن، هو الحلول التي يمكن أن تطور من طبيعة الدراما ومستواها.

تعدُّد آراء الجمهور بين النقد العام والشخصي، وبين التحليل والاكتفاء بالإشادة والإعجاب، خلق زاوية أخرى تناقش هذه الآراء، من الجمهور أنفسهم، والقائمين على تلك الأعمال.

الصحفية “لمياء الشرعبي” تقول: “كل الأشخاص الذين يهاجمون منتقدي الدراما، هم الممثلون أنفسهم، أو المصورون أو الكادر المسؤول عن إخراج المسلسلات بهذه الصورة من الركاكة، وكل هذا في الحقيقة ليس إلا تنكرًا للشخصيات المثالية التي لا وجود لها بالأصح”.

وترفض الشرعبي فكرة “نقد المتخصصين”، قائلة: “الممثلون الجدد وأقزام الدراما، يفقدون فرديتهم، ويصبحون رقمًا في الدائرة الإحصائية، رقمًا يجرِّم علينا الانتقاد كمشاهدين متمتعين بنظرات فردانية، وآراء تنطلق من واقع مشاهدتنا وذائقتنا”.

في المقابل يقول الدكتور عبدالكريم الوصابي: “إن نقد الأعمال الدرامية  ظاهرة صحية، وتقدم رسالة واضحة للمؤلفين وكتّاب السيناريو والمنتجين والممثلين والمخرجين، مفادها أن المشاهد اليمني نضجت خبراته وتجاربه، وتطورت لديه الذائقة الفنية، وأصبح يشاهد الأعمال الدرامية بعين ناقدة تميز بين الغث والسمين، وأصبح يعيش مع فن الفرجة”.

وأكد الدكتور الوصابي حتمية النقد، بقوله: “النقد البنّاء أساس التطوير، من يرفضه فعليه ألّا ينتج”. 

من خلال المتابعة لِما جرى خلال الأيام الأولى من عرض تلك الأعمال، فإن الصورة الواضحة المستنتجة هي أن الجمهور لم يعد خاملاً أو موجَّهًا، وأنه جمهور انتقائي، بلغ مرحلة من الوعي تمكّنه من تقييم ما يشاهده، واختيار ما يلائم ذائقته وطبيعته، وبفعل وسائل التواصل الاجتماعي، استطاع الخروج عن نمط “الجمهور السلبي”، المتلقي فقط.

وفي الأخير تبقى مشكلة الدراما قائمة على النص الدرامي، ووعي بعض العاملين في الإنتاج، بالإضافة لتوجه شركات الإنتاج وقنوات العرض التلفزيوني، والمشكلة الأكبر تكمن في الواقع المتشظي بفعل الحرب، هذه المأساة الأكثر تأثيرًا في طبيعة العمل الدرامي، وحياة الإنسان اليمني ككل.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى