كتب/ جمال طه
قفص السجائر الفارغ يهدد بالرحيل، والساعة الآن الرابعة فجرًا بتوقيت مدينتنا التي لا تهدد أو ترفع السلاح في وجه أحد.
المدينة الفارغة من الأحلام والمشاوير المثيرة للشبهات.. أنا في مكاني هنا.. في زاوية الغرفة التي تطل على الشارع البعيد، أهدد نفسي بالقتل إذا لم يأتِ النوم الآن.. الصوت القادم من مكبرات الصوت في المسجد القريب يدعو الله كالعادة بحرق الأعداء وزلزلة الأرض من تحت أقدامهم.. يهدد المؤمن العدو بالدعاء، ومدينتنا لا تهدد أو ترفع السلاح في وجه أحد.
أضع رأسي على المخدة، وأطفئ ضوء الغرفة التي تهددني بالطرد، وأكتب لقفص السجائر رسالة الوداع:
أعلم أنك تعاني من الفراغ، ولا تعرف إلى أين تذهب، وكيف تتصرف.. أنا مثلك بلا وجهة أو حلول.. أنا الفراغ الكبير الذي أمامك.. إلى أين ستذهب؟ كل شيء فارغ في الخارج، كل شيء.. هل ستبحث عن وظيفة جديدة؟ اِطمئن، لا وجود لوظيفة فارغة.. كل شيء فارغ مثلك، ومثلي.. ما عدا الوظيفة الجديدة التي تبحث عنها.. ليس لأنّ الوظائف شاغرة.. لا وجود لها يا صاحب الوجه المربّع الغبي.. هذه المدينة لا تهدد أو ترفع السلاح في وجه أحد.. لن تحميك، ولن تدافع عنك، وليس لديها مشاعر كافية لاحتضانك.. ماذا ستفعل لو هاجمك برد الليل، وقرر عضّ أوهامك؟ أنا لا أهددك، أنا مثل مدينتي لا أهدد أو أرفع السلاح في وجه أحد.. لا أقصد إهانتك، ولا اتهامك.. كلنا فارغون ومستنزَفون من الداخل، لكنك ومن سوء حظك تملك رأسًا مفتوحًا يفضح حقيقتك.. لو أن سكان المدينة يملكون نفس الرأس لعرفت أننا جميعًا نشبهك، وبأن هذه المدينة الفارغة لا تهدد أو ترفع السلاح في وجه أحد.. مدينة بلا أحلام.. بلا مشاوير مثيرة للشبهات.
هل نمْت؟
توقف عن الشخير..
#تهديد
راااااائع كعادتك
الله على كلامك ياريس، ♥ ♥ ♥
👍💜💜