رئيسيشُرْفة

كبسولات الشرف

كتب/ رشا عبدالكافي

أكثر مبدأ تعرض لتشويه جوهره وتفريغه من مضمونه الحقيقي، واستبداله بمفهوم آخر مغاير عن معناه الأصلي، هو (الشرف).
هذا المبدأ تم تجريده تمامًا من المكانة العظيمة التي يحملها، حتى وصل الأمر به حد التشويه، وذلك بإعطائه دورًا وظيفيًّا يعلي من سلطة الرجل، ويمنحه حق السيطرة والتحكم بالمرأة، ملقيًا عليها كل الأخطاء التي يرتكبها هو.. ذلك المبدأ، بحسب الامتياز الذكوري، يمنحه حصانة الوقوع في الأخطاء كيفما شاء.

إن مفهوم الشرف بالتشويه الذكوري منحصر فقط في المرأة وجسدها وطريقة تعاملها وجميع سلوكياتها.. لقد سلبوه مكانته ومضمونه الإنساني، وصار أسير مهابل النساء، بينما الرجل صاحب امتياز، فلا سلوكه ولا جسده مرتبط بالشرف، أما جسد أمه وزوجته ونساء بلده فهو معيار الشرف بالنسبة له؛ لأن المرأة في البيت الواحد ملك شخصي بحسب النظام البطريركي الأبوي، فحتى لو كان ظالمًا ولصًّا فاسدًا وقاتلاً، فإنه يسير رافعًا رأسه، فقط لأن نساء بيته عذارى، وبذلك هو في نظر المجتمع السطحي شخص محافظ على شرفه.

ما جعلني أتحدث عن مفهوم الشرف اليوم هو أن عيني وقعت على أحد الفيديوهات بالفيس بوك، كان مقابلة مع عدة أشخاص حول موضوع العذرية. تفاجأت بحديثهم عن غشاء البكارة بأنه أصبح مصنّعًا على شكل كبسولات، ويتم استيراده من اليابان والصين، وتم عرض تجربة وضع الكبسولة في كأس ماء ليظهر من خلاله شكل لون دم الغشاء.

في الحقيقة لأول مرة أعرف أن للدم ألوانًا مختلفة حسب أماكن خروجها!
يا إلهي.. إلى أين انحدر وتسطّح مفهوم الشرف؟! صار في كبسولات مستوردة، مصنوعة بشكل ملائم وخادع لعقليتنا العربية بالذات.
لطفًا أعيدوا للشرف معناه الحقيقي ومكانته العظيمة.. الشرف هو الصدق، الوفاء، العدل، المساواة، الحرية، والدفاع عن الوطن.
هذا هو الشرف فقط، وليس بعض قطرات دم مستوردة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. منذ صراع الإنسان مع الطبيعة.كانت النظرية الدينية أكثر حضورا في التاريخ .وكان موقع المرأة في النظرية هي المسؤولة عن الألم البشري وألم سقوط الممالك والحضارات.
    ومع تطور العلم تعقد الصراع ،واتخذ عدة أشكال ،ونتج مقابل السيطرة ع المرأة ،التحرر الكامل .
    فأصبح العالم أمام تيار انحلالي مسلع للمرأة ،وتيار محافظ ديني مستمر بنظرته للمرأة بل وشدد في النظرية نحو التزمت أكثر بحجة الإنحلال.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى