شباب هاوس.. غدير طيرة
لا يقتصر التعرض للعنف في الشبكة العنكبوتية على حادث واحد، فهناك ما نسبته 44% من النساء اللواتي تعرضن للعنف أكثر من مرة، وذلك بحسب استطلاع نشرته الأمم المتحدة.
ويظهر العنف الممارس ضد المرأة في الفضاء الرقمي بأشكال مختلفة، أكثرها شيوعًا هو تلقي “صور أو رموز غير مرغوب فيها ذات محتوى جنسي” (43%)، تليه “مكالمات هاتفية مضايقة، أو اتصالات غير لائقة، أو غير مرحب بها بنسبة (38%)، وتلقّي رسائل مهينة أو مفعمة بالكراهية بنسبة (35%)، فيما تعاني نسبة 22% من “الابتزاز الجنسي المباشر”.
ولاحظت اتجاهات مماثلة بين الناشطات المدافعات عن حقوق الإنسان، حيث أفادت نسبة 70% منهن بتلقّي صور أو رموز غير مرغوب فيها ذات محتوى جنسي، ونسبة صور 62% بتلقّي رسائل مهينة أو مفعمة بالكراهية، بينما أفادت نسبة 58% منهن بتلقّي مكالمات هاتفية مضايقة.
قلة الوعي خلق مبتزين كثير
في حدیثھا لـ”شباب ھاوس”، تقول مختصة التقنية ومدربة أساسيات الأمن الرقمي نور خالد، من محافظة عدن: “بلا شك، جميعنا نسمع عن مصطلح الابتزاز الإلكتروني، خاصة في السنوات الخمس الأخيرة بسبب ازدياد قضايا الابتزاز الإلكتروني ضد الفتيات والتي ما زالت تحدث بشكل شبه يومي”.
تؤكد نور أن الابتزاز الإلكتروني في الوقت الحالي يعتبر من أخطر أنواع العنف ضد المرأة؛ وذلك لِما يصاحبه من عنف نفسي وجسدي للضحية، مشيرة إلى أن الابتزاز قد يؤدي إلى القتل تحت مسمى “غسل العار”، حيث إن “قلة الوعي بأساسيات الأمن الرقمي، مثل تأمين الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، خلقت مبتزين كثيرين، فنرى جرائم الابتزاز تتفاقم يومًا بعد يوم، وذلك لعدم وجود رادع أو شرطة إلكترونية تقوم بمعاقبة المُبتز وحماية الضحية، بل نجد العكس تمامًا، وهو أن الضحية هي التي تُلام وتُضرب بل وتُقتل أيضًا”.
وبالرغم من وجود قانون ينص على تجريم الجرائم الإلكترونية، إلا أنه أصبح من السهل على محامي الجاني خلق ثغرات كثيرة فيه وخروج وكيله دون عقاب.
في المقابل، هناك حملات مناصرة لتفعيل قوانين إلكترونية أكثر صرامة لكي يخاف المجرم وتطمئن الضحية، فمن أمِن العقوبة أساء الأدب.
تضيف نور: “هناك مبادرات فردية من قِبل أشخاص يقومون بمساعدة الفتيات فور تعرضهن لأي ابتزاز إلكتروني، ومن جهتنا نعمل بجد على رفع مستوى الوعي بأساسيات الأمن الرقمي التي يجب على كل امرأة أن تعرفها لتأمين بياناتها وحماية معلوماتها الشخصية، ويتم ذلك من خلال إقامة ورشات تدريبية بشكل دوري”.
المرأة هي التي يمكنها ايقاف العنف ضدها
بدورها، ترى الباحثة في مجال حقوق الإنسان أماني فؤاد المقطري، من محافظة تعز، بحسب حديثها لـ”شباب هاوس”، أن من الضروري وضع قوانين تُجرّم وتُعاقب الاعتداء على المرأة ومصادرة حقوقها، بالإضافة إلى أنه من الضروري تسهيل تمكينها السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلد، وأن تتقلد مناصب في الدولة تكافئ علمها ومعرفتها.
تهتم أماني بالجانب الحقوقي، وبوجه خاص بجانب المرأة والطفل، كما أنها تعمل كباحثة في إحدى المنظمات الحقوقية في صنعاء.
وتوجه رسالتها للمرأة اليمنية قائلة: “أنتِ لستِ النصف، أنتِ الكل، وكل ما يمس أو يضر كيانكِ، جسدكِ، نفسيتكِ، وإنسانيتكِ، ليس شؤونًا خاصة حدودها جدران المنزل، بل قضية عامة من حقكِ أن تتحدثي عنها، وأن تطالبي بإيقافها، ومن واجبنا أن نوجه أصواتنا من أجلها، فقط تذكري بأنه لا أحد سيتمكن من إيقاف العنف ضدكِ ما لم تكن المُبادرة منكِ أنتِ أولاً، بدءًا من إدراككِ بأن لكِ حقوقًا مساوية إن لم تكن أعلى من حقوق من يُمارس الظلم ضدك، وانتهاءً بقوانين تُجرّم وتعاقب مرتكبي العنف ضدكِ.. فقط كوني مُدركة لحقوقك”.
من حق النساء أن يعشن حياة كريمة
من جهتها، تقول لـ”شباب هاوس” الإعلامية والناشطة في منظمات المجتمع المدني سماح الذبحاني، من محافظة تعز، إنه يجب على النساء في اليمن أن يواجهن العنف، لأن الصمت يجعل المُعنّفة عرضة لعواقب شتى قد تودي بحياتها إلى المخاطر الصحية أو النفسية، مؤكدة أن من حق النساء أن يعشن حياة كريمة خالية من العنف المجتمعي.
وتوجه سماح رسالتها للمرأة اليمنية بالقول: “قولي لا لكل عنف يواجهك، فلا تتركي مجالًا للضعف والخوف لكونكِ امرأة، أو من أجل العيب والعادات والتقاليد، حاولي في كل مرة أن تواجهي العنف، فالصمت يا عزيزتي يجعلكِ تخسرين حياتكِ الكريمة، والتي تليق بك”.
مستقبل المرأة اليمنية
المدافعة عن حقوق المرأة والطفل، هيفاء عبدالواحد، من محافظة ذمار، تقول في حديثها لـ”شباب هاوس”: “النساء شقائق الرجال، وجنبًا إلى جنب يصنعون مستقبلاً أفضل، ومن هذا المنطلق يجب على الجميع مشاركة المرأة بصنع القرار بشكل فعال في كل مؤسسات الدولة”.
عاشت هيفاء وتعايشت مع حالات كثيرة تخص النساء والأطفال، ومكنها عملها في الدفاع عن حقوق المرأة والطفل من الاطلاع على قضايا النساء في الوطن العربي والعالم، فحازت على جائزة الدرع في ريادة الأعمال الدولية، كما تم اختيارها ضمن مائة امرأة يمنية مؤثرة عام 2019.
وعبر منصة “شباب هاوس” توجه هيفاء رسالتها إلى كل امرأة يمنية، سواء أكانت ربة منزل، أو عاملة ألا تسكت عن التعنيف أيًّا كان، أسريًّا أو وظيفيًّا.. مؤكدة: سيكون مستقبل المرأة اليمنية آمنًا إذا ناهضت العنف”.
وبهذه المشاركات والرسائل التي تم رصدها، تكون منصة “شباب هاوس” قد اختتمت حملة “16 رسالة برتقالية”، والتي تمت بمشاركة 16 شابة من مختلف محافظات اليمن، بخلاصة مفادها أن مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي تحديدًا ضد المرأة لا يمكننا أن نحظره في ستة عشر يوما، بل يجب على النساء على وجه الخصوص أن يناهضن العنف بشتى أنواعه على مدار السنة.