“كن نبيًّا لتحصل على معجزة”

كتبت/ رئام الأكحلي

ثمة قاعدة مهمة في قوانين الكون وعلوم تطوير الذات، مفادها أن “التغيير في بدايته يكون صعبًا، وفي منتصفه فوضويًّا، وفي آخره عظيمًا”.. ولكن هل سألت نفسك يومًا لماذا لم تحقق تغييرًا بعد، ولِمَ تبوء كل محاولاتك بالفشل في سبيله، أنت أيها المنسحق تحت عجلات الحرب تلك التي تسير مراكب تجارها، والتي لا تكاد تميزك، وهي تسحقك، ففي سنّتها “الموت” هو صاحب الكلمة العليا  بعد “المال” طبعًا.
يقول مارك زوكربيرغ بأنه في صدد الإتيان بمعجزة القرن، وإنه سيكون قادرًا على إحداث طفرة علمية وتكنولوجية عظيمة ستُحدث تغييرًا لم  يخطر على بال، وسيكتسي العالم بعدها بحلة جديدة (الحلة الافتراضية)، وسينتزع زوكربيرغ وفريقه وداعميه الواقعية عن العالم، ويُعلون راية الافتراضية.

قد يقول قائل بأنهم يبيعون الوهم للبشر، وهم يعلمون بأن أولئك البشر هم السلعة الوحيدة التي تبيع وتشتري نفسها لنفسها، ولهم.. مفارقة قد تبدو عجيبة، ولكنها – برأيي – أكثر واقعية من مقولة إن “لحم العلماء مسموم”، ليس هذا فحسب، بل وإنها أسقطت على أولئك العلماء الذين يكمن جل إنجازهم في مجلد يتكون من أجزاء كثيرة   يكون كل محتواها “الوضوء” !
يدرك “المتلاعبون بالعقول” بأن تجارتهم لا يمكن أن تخسر إذا  عرضوها في سوق  العلم والدين.. يتقنون فن الأدلجة الجامدة  والتلقين، ويبرعون كثيرًا في البرباجاندا وبرمجة المجتمعات، بل وزرع المبادئ والقدرة الكاملة على فك شفرات الأخلاق والقيم  وتشويه الحقائق والإشارات، وإعادة تدويرها بما يتوافق مع مصلحة ما، أو مشروع مستقبلي مصاغ بخطط محكمة وخطوات مدروسة بعناية شديدة ينطوي تحت راية “سأهدمك وأبني ذاتي”، ويلجأ المستبدون دومًا إلى تخدير ضحاياهم، وتكميم أفواههم، وجعلهم منشغلين دومًا بلقمة عيشهم والتمرد على مبدأ “التغيير”، والذي يكمن فيه خلاصهم “لو كانوا يعلمون”، بدلاً من التمرد على مستبديهم، فيصور أولئك المستبدون عملية التغيير كالكارثة، وأنها الشرارة التي حولت حياة شعوبهم إلى جحيم، وأنها المتسبب الرئيسي في الحرب والاحتباس الحراري وثقب الأوزون الذي يغازل بخجل نهاية العالم،  آملاً باقترابها!
على أية حال، وكسنّة كونية “لا يستمر طويلاً حال “.. تنقلب الأحوال بين ليلة وضحاها، وتستمر المعجزات بالحدوث، ولكنها تشترط وجود أنبياء لتلقّيها.. لذا لا تأمل بالحصول على واحدة وأنت خاضع، وأنت محض آلة تمت برمجتها على نظام التلقين وتلقّف بيانات محددة، ثم نشرها وإخراجها وكأنها حقائق مطلقة.. لا تأمل بتلقّي معجزات ما دمت تصر على ارتداء قناع شيطان أخرس يتذمر  بحنق شديد.. متسائلاً لِمَ لمْ يعلمه أحد النطق، وكيف لم تصله رسالة قط، ولم يُصطفى كنبيّ.. ثم يتنهد بصمت متمتمًا في قرارة نفسه: يااااه كم أن الإله ظالم !