دهليزرئيسي

السعادة في يومها العالمي.. مناسبة لا تعني للشباب اليمني

شباب هاوس.. عمران مصباح

في العشرين من مارس، يحتفي العالم أجمع، باليوم العالمي للسعادة، وتعتبر هذه المناسبة بمثابة تذكير عن أهمية المشاعر الإيجابية للفرد، ودور المؤسسات في الإعلاء من السعادة، والحد من مسببات التعاسة.
في اليمن تأتي المناسبة في ظل وضع جعل منها تحتل آخر المراكز بالتصنيف العالمي لأكثر المجتمعات سعادة. فبالرغم من أنها لم تكن كذلك قبل الحرب، إلا أن الأزمة المستمرة لثمانية أعوام على التوالي ضاعفت المآسي وجعلت الأوضاع تزداد سوءًا، بحيث وصلت المعاناة إلى مشاعر كل فرد على حِدة.

“شباب هاوس”، ومن خلال هذه المادة، تحاول معرفة آراء الشباب، في تأثير الوضع العام على مشاعر المجتمع، وهل هناك إمكانية لصناعة أجواء جميلة فردية بعيدًا عن الإحباط المحيط بالجميع.

 

السعادة طير هجر اليمن 

رانيا عون

عن اليوم العالمي للسعادة، وما الذي يخطر في بالها عندما يمر هذا اليوم، تقول رانيا عون لـ”شباب هاوس” إن “يوم السعادة العالمي يخص ذلك العالم، حيث لا تجتمع السعادة والتعاسة في آن واحد، وما تمر به اليمن أدخل شبابها في دوامة الخوف من الغد، والحلم بأن السعادة والمستقبل يقفان هناك خلف حدود الوطن، أي مكان خارج تلك الحدود سيحمل له من الحرية والأمان ما يكفي لعيش الحياة بسعادة”.
وتتابع عون: “مع تفاقم الأزمة يضعف الأمل بالوطن، أصبحت أحلام الشباب وسعادتهم مرتبطة بالسفر. يؤمن شبابنا بأن السعادة قد سبقت وهاجرت ولا سبيل للحصول عليها إلا باللحاق بها”، مشيرة في حديثها لـ”شباب هاوس” إلى أن السُّبل التي تقلل من حدة التأثر بعدم وجود السعادة، هي “أنني كلما مررتُ بشيء من التعاسة أسأل نفسي: وهل اترك أرضي لهم؟”؛ أي لمن تقول إنهم قتلوا سعادتها وسعادة أجيال قادمة.
لكن يبدو أن للشباب اليمني طريقته في ابتكار السعادة وسط هذه الظروف، ومن بين تلك الوسائل، بحسب رانيا عون “البيئة الصغيرة والمحيطة بالفرد، فهي أكثر ما قد يساعده في ظل الظروف السيئة، ومن المهم وجود رفقة بسيطة ومحبة للحياة تساهم إلى حدّ كبير وفعال في الحفاظ على نفسية الفرد، مع أهمية أن تكون هذه الرفقة إيجابية على صعيد النواحي النفسية والعملية معًا، فالتطوير الذاتي يجمعهم والتركيز على أهداف واضحة يوجه مسارهم”.
وعن تعريفها الشخصي للسعادة تقول رانيا عون: “السعادة هدف الحياة، ومهما حاولنا البحث عن مفاهيم أخرى للسعادة تظل هي هدفنا في هذه الحياة جميعنا نسعى في الحياة لننال السعادة”.
غير أن الأمل يبقى بالنسبة لرانيا عون، ولكثير من الشباب، في أن التعاسة ستزول يومًا ما عن وطنها اليمن، حيث “لا شيء يبقى على حاله، وإنْ كنا قد حصلنا على نصيبنا الوافر من التعاسة، فقد حان الوقت لننال ذات القدر من السعادة.. هذه سُنة كونية، ولا بد لكفتيّ الميزان أن تتزنا”، مختتمة حديثها بالقول: “هو وطني أنا، أرضي أنا، أمانيّ أنا، وحقي فيها باقٍ، ولن تسرقه مني تعاسة أوضاع متغيرة لن تستمر، ولن تبقى”.

 

وطن لا يعرف من السعادة سوى الاسم

محمد الوتيري

محمد أمين الوتيري، يتحدث لـ”شباب هاوس”، قائلاً: “يخطر في بالي المفارقة العجيبة الموجودة في هذا العالم، فبينما تتنافس بعض الدول في تحقيق مؤشرات السعادة، وتسعى للوصول بشعوبها إلى أعلى مستوياتها، هناك شعوب ودول أخرى، من ضمنها اليمن، لم تعرف من السعادة سوى الاسم فقط، ولم تشاهدها إلا في المسلسلات والبرامج في ظل واقع سيئ ومرير قاسوا فيه كل ألوان المعاناة”.
وباعتبار المجتمع مرآة للواقع، فإن الجميع لا بد من أن يتأثروا بما يحدث، فبحسب الوتيري فإن “الوضع العام في البلد هو وضع حرب وحصار، ولا يخفى على أحد ما تُخلفه الصراعات والحروب من مآسٍ بحق أكبر وأرقى الدول، ناهيك عن اليمن الذي يقاسي ويلات الفقر والجوع منذ سنوات، وبإمكاننا أن نستخدم وصف الأمم المتحدة للوضع في اليمن بقولها إن اليمن يعيش أسوأ كارثة إنسانية في العالم لنتخيل مستوى سعادة الناس المتدني في اليمن، أو بمعنى أدق مستوى تعاستهم”.
ويضيف: “بالنسبة لنا كيمنيين فمؤشرات السعادة ومفاهيمها تختلف تمامًا عن مؤشرات السعادة العالمية، فبينما تقاس هناك بمستوى الرفاهية، فنحن نقيسها بقدرتنا على البقاء على الحياة، فكل يوم يمر علينا دون مأساة، دون قصف أو قتال، دون أن يموت علينا أحد أقاربنا أو أصدقائنا هو يوم سعيد بالنسبة لنا، أن يصل المسافر إلى منزله سليمًا هي سعادة بالنسبة لنا، أن يستطيع الطفل الذهاب إلى المدرسة ويعود منها فهو شيء مهم بالنسبة لنا، أن تحصل على فرصة عمل بأجرها الأدنى هو حدث يستحق الابتهاج به، ناهيك عن السعادة اليومية التي نشعر بها جراء عودة الكهرباء ساعتين إلى أربع ساعات في اليوم”.

 

السعادة ألا تستسلم للحزن 

منى الكمالي

بدورها تقول منى الكمالي لـ”شباب هاوس”: “تحتشد في ذهني صور محزنة لمعاناة المواطن اليمني بكل فئاته العمرية، وبمختلف مناحي الحياة، خاصة وأن هذا اليوم وضع للتذكير بأهمية السعي للسعادة، والتي تحققها الحكومة للشعب”.
تضيف الكمالي أن “الحرب جعلت الشباب وقودًا لها، ورمت حمولاتها الثقيلة على ظهورهم. حيث أثرت الحرب وتبعاتها في المواطن وجردته من أبسط حقوقه، وأساسيات العيش الكريم، لقد اغتالت أحلام الشباب، ولم تدع شيئًا جميلًا إلا وطالته، لذا وضع هذا اليوم للتذكير بأهمية السعادة للشعوب، والتي تأتي من خلال التنمية والقضاء على الفقر، في حين يفتقر المواطن اليمني لأدنى سبل الحياة.. سنوات طويلة والمواطن يرزح تحت أزمات تفتعلها الحكومات، معززة بذلك حالات الفقر، والتي ينتج عنها حالات ومشاكل نفسية تنتهي أحيانًا بالانتحار”.
عن الإمكانية التي يحاول من خلالها الشباب العثور على السعادة، تُوجّه منى الكمالي نصيحتها للشباب، قائلة: “على الشباب اليمني أن يحاول خلق جو مبهج في كل وقت، وليس في هذا اليوم فحسب، وألّا يفقدوا الأمل، وعليهم الاستمرار في السعي وراء الأفضل”، وتضيف الكمالي أن السعادة في هذه الظروف لا يمكن الحصول عليها إلا بالكفاح، والوصول لفرص التعليم داخل اليمن أو خارجها، ومحاولة اكتساب مهارات جديدة، بدلًا من هدر طاقاتهم بالحزن والحسرة.
أما تعريفها للسعادة، فتقول منى الكمالي: “السعادة بالنسبة لي هي أن أسعى للأفضل، والاستمرار بالأمل مهما كانت المثبطات، وكذلك اكتساب كل يوم معلومات ستعود عليّ بالمنفعة على أيّ صعيد كان، ولكي تكتمل السعادة، أتمنى أن تنتهي الحرب، ويعم السلام في كل بلاد العالم”.
لكن إذا كان زعماء وقادة الدول يسعون في سبيل سعادة شعوبهم، فإن القادة اليمنيين هم أكثر من يمنحون مجتمعهم التعاسة، توجه منى الكمالي رسالة إلى أولئك القادة بالقول: “أقول لهم مهما سوّقتم لأنفسكم في وسائل الإعلام، نحن وأنتم نعرف مدى فشلكم الذريع في تولّي المهام وقيادة البلد، كل شعب يحلم بقيادة تتمتع بكل الصفات التي تحقق له آماله وتنهض ببلده إلى مكانة مرموقة، لكنكم جعلتم اليمن كأسوأ بلد يعاني أزمة إنسانية في العالم، ولا أعلم كيف لضمائركم أن تكون بهذا الشكل من التبلد وعدم الشعور بالمسؤولية”.

 

السعادة كلمة عابرة في حياتنا

محمد عوض

الشاب محمد عوض يرى في اليوم العالمي للسعادة، وفي السعادة عمومًا، أنها مجرد كلمة عابرة، قائلاً لـ”شباب هاوس”: “للأسف كلمة عابرة مطاطة، وأصبحت مضحكة”.
ويضيف: “مستوى السعادة مرتبط بشكل كبير بالوضع القائم والأوضاع؛ لذا ومع الحرب المتصاعدة خلال السنوات الماضية أصبحت السعادة مثل العملة النادرة نبحث عنها، ولا نجدها”.
بالرغم من كل شيء، يستمر الشباب في محاولة إسعاد أنفسهم، عن تلك الطرق، يقول محمد عوض: “نحن كشباب، وجيل صاعد نحاول ابتكار السعادة من العدم، وذلك عبر بعض الأنشطة الموجودة في المجتمع، كذلك الترفيه، من خلال اللقاءات بالأصدقاء، والرحلات التي يجتمع فيها أكبر قدر من الشباب”.
أما السعادة في تعريف عوض فهي: “الأمان بأن تعيش مرتاح البال، كشباب تستمتع بحياتك دون تعب، ولا كلل، وبلا تفكير كيف يكون شكل الغد، وهل ستفقد فيه أحد أم لا.. الشعور بالسعادة حياة مكتملة”.

 

السعادة وجوه مبتسمة من حولك

رقية فرحان

تعبّر رقية فرحان لـ”شباب هاوس”، عن تصورها لهذا اليوم، قائلة: “السعادة عندي؛ مجموعه من الأطفال والناس مرسوم على وجوههم الابتسامة، ويعيشون حياة آمنة”.
أما تأثير الواقع المؤلم بمشاعر الناس، فتؤكده فرحان بالقول: “بكل تأكيد وضع البلد يؤثر، وبشكل كبير، في سعادة الناس”.. مضيفة: “عدم وجود أبسط مقومات الحياة الأساسية ابتداءً من الأكل ودبة الغاز والبترول، أيضاً ارتفاع الأسعار، وانعدام فرص العمل، الرواتب والبنية التحتية، وانتهاءً بصعوبة السفر، أي أنك لا تستطيع العيش في بلدك، ولست قادرًا على أن تسافر… كل هذا يؤثر على سعادة الشخص بشكل كبير جدًّا”.
غير أن الصعوبات القائمة ليست وليدة اللحظة عند المجتمع اليمني، وهذا ما تؤكده رقية بالقول: “أساسًا الشعب اليمني من زمان عايش حياه بسيطة، ومتعود على التقلبات الاقتصادية المستمرة، واعتاد دائمًا على هذه الحياة البسيطة، ويسعد نفسه بالمتوفر”، وبالتالي فإن “الشباب اليمني يحاول ابتكار أساليب جديدة للسعادة في ظل هذه الظروف، عبر فعاليات ترفيهية، ومبادرات شبابية، وبإسعاد غيره من الناس المحتاجة لأبسط مقومات الحياة، هذه الأشياء رغم أنها بسيطة بنظر الآخرين، إلا أن لها دورًا ومفعولًا كبيرين في نشر السعادة لهم، ولغيرهم”.
لا تنسى رقية أن توجه رسالة إلى القادة السياسيين بالقول: “الشباب هم ركيزة المجتمع، ووقود مشتعل، لا تحاولوا أن تطفئوا توهجهم بحرمانهم من أبسط مقومات السعادة”، مختتمة حديثها لـ”شباب هاوس” برسالة إلى الشباب أنفسهم: “كونوا دائمًا سعداء، حتى لو لم تكن هناك أي عوامل للسعادة”.

 

لكل شخص طريقته للوصول الى السعادة

محمد محروس

في حين قد يحصل شخص على سعادة من شيء ما، قد يجد شخص آخر سعادته في النقيض من ذلك.. الشاب محمد محروس يتحدث لـ”شباب هاوس”، عن رأيه في السعادة بشكل عام، قائلاً: “السعادة شيء مستقل، أي يستطيع كل فرد الحصول عليها بطريقته الخاصة، وبعيدًا عن الأحداث التي تدور حوله، وكل شخص له طريقته في اتصاله بهذه الأشياء، أو تحديد ما الذي يسعده”.
وعن وضع البلد، يضيف محروس، قائلاً: “هناك تأثيرات متلاحقة للوضع العام بكل تأكيد، وسببت الكثير من التأثير على مشاعر الشباب اليمني، واليمنيين عمومًا، فالعيش تحت وطأة الحرب، والأخبار السيئة التي لا تتوقف، تصنع محيطًا مليئًا بالتعاسة، وبالمأساة”، ويضيف أن هناك الكثير من الشباب دخلوا دائرة الاكتئاب بسبب ما يحدث”.
لكن، بحسب محروس: “مهما كانت الأجواء التي تعيش فيها، لا يعني ذلك أن هناك مبررًا للعيش بعيدًا عن السعادة”، مضيفًا: “لا يجب على أي شخص أن يترك نفسه للاستسلام، فالعوامل المتراكمة الداعية للتعاسة، يحتاج الشخص لأنْ يبددها بشكل دائم، وهناك أشياء بسيطة جدًّا، تساعد على استعادة الشخص لمشاعر السعادة لديه، والمتخصصين في مجال الدعم النفسي لديهم الكثير ليتحدثوا فيه بهذا المجال، بالإمكان حضور تلك الدورات، أو متابعتهم عبر اليوتيوب، وغيره من المواقع”.
يختتم محمد محروس حديثه لـ”شباب هاوس” عن المجتمع اليمني، وكيف أنه استطاع التغلب على الوضع الدافع للاكتئاب، قائلاً: “الشعب اليمني قوي بطبيعة الحال، ومن السهل ملاحظة ذلك، فالشباب اليمني مثلاً، وعبر كل الوسائل، يحاول أن يبقي نفسه على قيد الحياة، واتخذ من مواقع التواصل وسيلة لبعض الإنتاجات التي لا يستطيع أن يحققها في الواقع”، حيث “لكل شخص طريقته في إسعاد نفسه”.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى