شباب هاوس
اختُتمت في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت، شرق اليمن، أعمال مؤتمر أنموذج محاكاة جامعة الدول العربية، والذي احتضنه قصر الكثيري لمدة يومين، الـ 19 و20 من يوليو الجاري.
وانطلق حفل الافتتاح بحضور السلطة المحلية في وادي حضرموت وعدد من الشخصيات الاجتماعية، لتتبعه جلسات المؤتمر.
وبدأت جلسات مجلس المندوبين والمجلس الوزاري، والتي قدم فيها كل من مندوبي ووزراء الدول ما لديهم، ليتبعها إعداد ورقة الموقف في جلسة مفتوحة تمت فور انتهاء المندوبين والوزراء من عقد جلساتهم، حيث قام أعضاء الدولة الواحدة، من زعماء ووزراء ومندوبين، بإعداد أوراقهم ومناقشتها في الجلسات.
كما تم افتتاح معرض احتوى على عدد من أركان المؤسسات المشاركة في المؤتمر، والتي تمثلت بمؤسسة حضرموت للثقافة، ومؤسسة حضرموت تنمية بشرية، ومؤسسة الخريجين، وعدد من الجهات الأخرى، وكذلك خيمة لعرض الموروث التراثي الحضرمي على شكل مقتنيات ورسومات.
وصاحب افتتاح المؤتمر حفل تراثي أقيم مساء اليوم الأول، تخلله رقصة العدة الحضرمية، ثم فقرة الشعر، حيث قدم عدد من الشعراء قصائد شعرية، وتُعرف هذه الفقرة في حضرموت بـ”شعر المدارة”.
وبحسب القائمين على المؤتمر الذي عُقد برعاية مؤسسة عدالة، فإن أهميته تتضاعف من كونه حدثًا استثنائيًّا في ظل شحة الفعاليات الشبابية مؤخرًا، حيث وصل عدد المشاركين في هذه الفرصة إلى (66) شابًّا وشابة من كل المحافظات اليمنية، وبمختلف التخصصات، كما مثّل لهم هذا الاحتكاك قيمة كبيرة للالتقاء بآخرين يشاركونهم نفس الاهتمام، والقيام بتمثيل عمل دبلوماسي كبير، وتقديم أوراق عمل خاصة بذلك.
فإلى جانب ما يمثّل المؤتمر للمشاركين من عائد تأهيلي كبير، فإن هناك مكاسب نفسية سيحصل عليها الشباب والشابات من نشاط نادر هو ضمن تطلعاتهم.
واستغرقت فترة إقامته أربعة أيام، اليوم الأول تم فيه استقبال المشاركين، ليتبعه قيام المؤتمر في يومين متتاليين، ومن ثم الوداع في اليوم الرابع.
كما سبق المؤتمر تحضيرات استمرت أشهرًا طويلة، بُذل فيها الكثير من الجهود، للإعداد الجيد وتدريب المشاركين على كيفية إجراء جلسات وحوارات.
لم يكن أنموذج محاكاة جامعة الدول العربية هو الأول بالنسبة لمؤسسة عدالة، بل سبق وأنْ أقامت العام الماضي تجربة محاكاة الأمم المتحدة.
عن الهدف الذي أرادوا إيصاله من خلال هذا النشاط، تحدث لـ”شباب هاوس” رئيس المؤتمر – الدكتور عمر باوزير، قائلاً: “الهدف الرئيس من عمل مؤتمر محاكاة جامعة الدول العربية، يتمثل في تأهيل الشباب على بعض القيم المهمة كاحترام الرأي، والرأي الآخر، وتدارك أهمية الحوار، والنقاش السلمي الفعال، فالشباب هم سواعد هذه الأوطان، ومستقبلها”.
كما أن المؤتمر ركز بشكل رئيس على فئة معينة، وأراد تشجيعهم على المشاركة السياسية الفاعلة، وعلى صناعة السلام، بحسب رئيس المؤتمر، الذي يضيف: “مؤسسة عدالة تحرص على أن تكون الوفود المشاركة من فئة الشباب، والذين تتراوح أعمارهم بين الـ(18 – 30) سنة، ودفعهم للعملية السياسية، ونحو عملية السلام، والتي تزيد أهميتها في ظل الحرب الراهنة”.
عن الكيفية التي تم الاختيار بها، يقول عمر باوزير بأنهم ساروا على النهج المستمر لمؤسسة عدالة، والذي ابتدأ عندما أقامت مؤتمر محاكاة الأمم المتحدة بمدينة المكلا، وضم شبابًا من جميع المحافظات اليمنية.. ويضيف: “في مؤتمر محاكاة جامعة الدول العربية تم قبول 66 شابًّا وشابة على أساس الكفاءة، بعيدًا عن أي تحزبات، وواجهنا صعوبة واحدة، تكمن في أن الجهات الرسمية لم تقدم أي دعم من حكومة محلية أو مركزية رغم أهمية المؤتمر في دعم الشباب”.
أراء المشاركين
تعددت آراء المشاركين في هذا المؤتمر، لكن جميعهم يطمح لأن يكون المؤتمر انطلاقته الأولى نحو الاتجاه للسلك الدبلوماسي.. هنا استعراض لما قاله بعض المشاركين في هذه التجربة الفريدة من نوعها على مستوى اليمن…
عمّا خرجت به من انطباع، وما الذي تعني هذه المشاركة لها، تحدثت لـ”شباب هاوس” رندا الزيادي، والتي مثلت سلطنة عمان في المؤتمر، قائلة: “في البداية لا يوجد لدينا كليات متخصصة لدراسة الدبلوماسية كتخصص، على سبيل المثال في صنعاء توجد جامعة واحدة تدرّس هذا المجال كدراسات عليا، لكن بأسلوب نظري فقط، ولا يوجد أي أسلوب عملي.. هذا يمنح المشاركة في المؤتمر قيمة لأنها تجعل الشباب يمارسون الدبلوماسية، وبشكل عملي”.
وتضيف رندا: “العمل الدبلوماسي في اليمن محتكر جدًّا، ولا يأتي إلا بوساطة أو تدوير لنفس الشخصيات، فلا يوجد للشباب مقعد”.
كما اعتبرت رندا الزيادي مؤتمر محاكاة جامعة الدول العربية وسيلة لتوسيع مدارك الشباب الدبلوماسية، وفي هذا تحدثت: “مجرد خوض التجربة هو توسيع لمدارك اليمنيين الذين يرغبون بربط أنفسهم بالعالم الخارجي، فأول مخرج سيفكر فيه الشباب بعد هذا المؤتمر هو التقديم لنماذج محاكاة خارج اليمن، ففكرة تجمع مجموعة من الشباب من مختلف المحافظات تخلق بيئة من الأعمال المشتركة”.
أما محمد السقطري، والذي شارك كمندوب دائم لدولة الجزائر، من جزيرة سقطرى، وهو أمر من النادر حدوثه؛ كون الشباب السقطري لا يتم إحضارهم لهذه الفعاليات، يقول عن مشاركته في هذا المؤتمر: “الحدث يساهم في بناء قدرات الشباب المعرفية والإدارية من خلال إعطائهم فرصًا في السلك الدبلوماسي، كأحد شباب سقطرى.. سقطرى التي حُرمت طيلة فترة طويلة جدًّا من مشاركات عديدة؛ لبعد المسافة، إلا أنني اليوم متواجد، وأنا هنا أعبّر عن سعادتي جدًّا بالانخراط مع خيرة شباب اليمن ليرسلوا رسالة للعالم أن اليمن ستبقى سعيدة بشبابها”.
بينما عمار بن جوهر، والذي مثل وزير خارجية دولة جيبوتي يرى أن المؤتمر انعكس بشكل إيجابي على شخصيته كشاب إعلامي من مدينة المكلا، مضيفًا: “هذه تجربة نوعية نطمح أن تنعكس بشكل إيجابي لتعزيز روح الشباب نحو العمل الدبلوماسي.. فشبابنا اليمني مثقف ولديه الكثير. وشخصيًّا: استفدت من التجربة من ناحية شخصية على مستوى التفاوض، ومهارات الإقناع، وإدارة الاجتماعات الدبلوماسية، وسنعمل على صياغة قرارات ستكون بمثابة مخرجات من هذه القمة المُقامة، إلى جانب بيان ختامي سيدعم العمل العربي المشترك”.
وعن هذه الفرصة الشبابية، يقول محمد بلجعد، والذي مثّل وزير خارجية وفد لبنان: “اليوم نحن هنا صنّاع قرار، والمؤتمر وسيلة لتعلّم كيفية صياغة قرارات، وكيفية حل المشكلات التي تؤرق المجتمع العربي والدولي، من رؤيتنا كشباب نحاول أن نبرز أن شباب اليمن قادرون على حل أي تحديات ومشكلات مجتمعية.. نتمنى أن تكون إحدى مخرجات المؤتمر تشكيل فريق متكامل من أنموذج محاكاة جامعة الدول العربية لإبراز دور الشباب وتسويق مخرجات البرنامج لتكون واقعًا ملموسًا”.
بينما بشرى الجرادي، والتي مثّلت رئيس جمهورية اليمن، تحدثت عن هذه التجربة، قائلة: “هذه تجربة فريدة أعطت الشباب الحق في إشراكهم لحل المشكلات وصنع قرارات.
التجربة أعطتنا ضوءًا لخوض التجارب الشبابية الفعالة كقيادة شبابية قادرة على إيجاد حلول للمشكلات الإقليمية.. مثل هذه التدريبات مهمة لإبراز دور الشباب وإخراج ما لديهم من طاقات إيجابية وأفكار قادرة على تحقيق العدل في مشكلات اليمن ونزاعات الحروب الأهلية.. من هنا أعتبر أن المؤتمر هو بمثابة إشعار للدولة اليمنية لإشراك الشباب في اتخاذ القرار وصنعه، وإيجاد حلول فعالة في المجتمع”.
ويأمل جميع المشاركين بأن تكون هناك الكثير من المشاركات المشابهة لهذه الفعالية التي أفادتهم كثيرًا، متمنين من بقية المؤسسات والجهات أن تقوم بتنظيم ذلك أسوة بمؤسسة عدالة.