دهليزرئيسي

محطات سابقة وتالية لثورة سبتمبر العظيمة

تقرير/ عمران مصباح

في حيز جغرافي ما، من جنوب الجزيرة العربية، منطقة تسمى اليمن، مرت خلال كل العصور عبر أحداث لا تعد ولا تحصى، لكن أعظم لحظات تاريخها على الإطلاق، كان ذلك الذي جسّد قبل ستين عامًا من الآن، ثورة سبتمبر، والتي لم يكن مخاضها سهلاً أبدًا، بل شديد الصعوبة والتعقيد، فحكم الإمامة الذي امتد لِما يقارب ألفًا ومائة عام، وضرب بيد من حديد كل من فكّر في الاقتراب من التغيير، وجعل من الثورة فكرة بعيدة المنال، إلا أن معجزة خارقة، كثورة سبتمبر، استطاعت انتشال اليمن من سلطة تعتمد الخرافة، وتقوم على الادعاء الديني، إلى روح العصر، وبدعم مباشر وسخي من الرئيس المصري جمال عبدالناصر، ابتدأت هذه الثورة بأحداث كثيرة مهّدت لها، كما أنها مرت بصعوبات، وعراقيل عدة، قبل أن تنجح بشكل كامل، وتؤسس لنظام جمهوري، غيّر – وبشكل جذري – كل شيء في هذا البلد.

في سياق هذه المادة، تسرد منصة “شباب هاوس” مجمل الأحداث المفصلية، التي سبقت سبتمبر، وأثناء الثورة وبعدها:
– 1948: قيام ثورة الدستور، تم فيها اغتيال يحيى حميد الدين، قبل أن يسترد نجله أحمد الحكم، ويعتقل كلّ من قاد تلك الثورة، فأعدم غالبية الثوار.
– 1955: قيام ثورة ضد أحمد حميد الدين، قبل أن تفشل المحاولة، وتنتهي بإعدام قائدها الأول (الثلايا).
– 1956: قام محمد البدر (ولي عهد الإمامة) بزيارة إلى الاتحاد السوفيتي، وشراء صفقة أسلحة، في إشارة إلى مواجهة أيّ تمرد جديد قد يحدث، وفي خطوة مختلفة للسوك الإمامي الانعزالي عن علاقات دولية من هذا النوع.


– 1958: طلب “الإمام” أحمد التوحد مع سوريا ومصر، كمحاولة للتقرب من عبدالناصر، وإجهاض أيّ فكرة لتكرار ثورة مصر باليمن، وكذلك هروب من السعودية التي قامت حرب معها قبل ما يقارب عشرين عامًا من ذلك الوقت.
– في مارس من العام 1961، قام ثلاثة ثوار يمنيين، وهم العلفي واللقية والهندوانة، بمحاولة اغتيال للإمام أحمد في مستشفى بالحديدة، قبل أن تفشل المحاولة، ويتم إعدام الثوار الثلاثة.
– في ديسمبر من العام 1961، تم تشكيل تنظيم الضباط الأحرار، وبشكل سري، وهو الذي سيتولى إشعال الثورة فيما بعد.


– في يوليو 1962، حدث إضراب شامل في اليمن لبعض المدارس، وهي قليلة آنذاك، وبعض العمال في كل القطاعات العملية، وحصلت هتافات شعبية لأول مرة ضد الإمام.
– في 19 سبتمبر 1962، موت الإمام أحمد متأثرًا بإصابته السابقة.
– 1962: استمرار الاتصالات بين القيادة المصرية، وتنظيم الضباط الأحرار، والحصول على تعهد مبدئي من القيادة المصرية بدعم الثورة ومساندتها عند قيامها.


– 26 سبتمبر 1962: إعلان البيان الأول للثورة بإنهاء حكم الإمامة وقيام الجمهورية العربية اليمنية.
– 28 سبتمبر 1962: اعترفت مصر بالجمهورية العربية اليمنية، وكان أول اعتراف يحصل عليه الجمهوريون في اليمن، قبل أن يتبعها أكثر من خمسين دولة في الأشهر الأولى من الثورة، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر من نفس العام.
– 29 سبتمبر 1962: وصول بعض شخصيات المعارضة اليمنية من مصر، ومعهم خبراء اتصالات مصريون.
– مع نهاية سبتمبر ظهر الرئيس السلال في أول خطاب له، وكان خطابًا مهمًّا تحدث فيه عن التزام الجمهورية بكل المعاهدات التي وقعت مع النظام السابق، وأشار بوضوح إلى معاهدتين، الأولى مع بريطانيا، والثانية مع السعودية، أبرمتا في 1934، وذلك كنوع من التطمين لهم.

– 1 أكتوبر 1962 وصل إلى المملكة العربية السعودية وفد عسكري رفيع من المملكة الأردنية لإبرام اتفاقية دفاع مشترك، ومن خلالها دعم الملكيين، وإقامة تواصل مع الأمير حسن.
● في الثاني والثالث من أكتوبر 1962 وصلت القاهرة ثلاث طائرات سعودية محملة بالسلاح كانت متجهة لدعم الإماميين، وبقرار شجاع من الطيارين قرروا الاتجاه إلى مصر وتسليمها هناك، والالتقاء بالزعيم جمال عبدالناصر.
– في الخامس من أكتوبر 1962، وصل أول دعم عسكري مصري إلى ميناء الحديدة، قبل أن ترسل طيران في العاشر من أكتوبر، كما وصلت القوات على الأرض في نهاية أكتوبر إلى ألفيّ جندي مصري.


– مع منتصف أكتوبر من العام نفسه، كان القتال قد اشتعل بين القوات الجمهورية مدعومة بالقوات المصرية، وبين الإماميين ومن يساندهم، والمدعومين من قِبل المملكة العربية السعودية، وعلى أكثر من جبهة، في صعدة، وصرواح، والجوف، وصنعاء، مضى الجمهوريون في قتال الإماميين، وبدأ إنزال قوات مصرية على أكثر من جبهة، وكان الإنزال الأول في صرواح تاريخ 23 أكتوبر – 1962، والتي من ضمنها كان أول شهيد مصري، الملازم نبيل الوقاد.
– 28 أكتوبر من العام نفسه وصل المشير عبدالحكيم عامر إلى صنعاء.
– 31أكتوبر 1962 تم إعلان أول دستور للجمهورية العربية اليمنية.


– مطلع نوفمبر توسع القتال بين الجمهوريين، والملكيين ليشمل الخط الساحلي في الحديدة، وميدي، وكذلك محور صعدة، واستمر في صنعاء، والذي كان الجمهوريون يريدون تأمينه.
– في الثاني عشر من نوفمبر هبطت طائرة أردنية في مطار القاهرة، وعليها الطيار سهل حمزة – قائد سلاح الجو الأردني، رافضًا المشاركة في حرب اليمن، وطالبًا اللجوء السياسي في مصر، وتبعه طيارون آخرون.
– في نهاية نوفمبر، وخلال شهر ديسمبر استمرت القوات اليمنية ومعها الألوية المصرية في الوصول إلى جبهات وعرة مثل صعدة، وكذلك حجة، بعد أن كان قد حدث أول إنزال مظلي لقوات مصرية إلى صعدة في منتصف نوفمبر.

– استمر القتال في تصاعد خلال عام 1963، وتحديدًا بعد استجماع الملكيين إلى قواهم في حدود السعودية، واتخاذ نجران مقرًّا عسكريًّا لهم، واستقدام مرتزقة من القبائل بأموال سعودية، وتجهيز جيش فيه أكثر من عشرين ألف مقاتل، يتجه نحو ثلاثة محاور للقتال، واستعادة الحكم والسيطرة، وهذا القوة القادمة لم تكن مقدرة من قِبل الجمهوريين، لكن الطيران المصري كان حاسمًا إلى حدّ ما، ومثّل قوة تصدٍّ للحفاظ على مكاسب الجمهوريين، كما أن في هذه الفترة كانت الخلافات بين الجمهوريين بدأت تطرأ، أبرزها بين السلال والبيضاني.

– بعد أن تحول الصراع إلى حرب عصابات تم الإعلان من الأمين العام للأمم المتحدة في إبريل 1963 على اتفاقية فض الاشتباك بين القوات المتحاربة، تبعها في يونيو موافقة مجلس الأمن على تشكيل قوة الرقابة، والتي بدأت الانتشار فيما بعد.

– الاتفاق في القمة العربية التي أقيمت في منتصف أبريل 1964 على حل ملف اليمن، وكان ذلك بين الأطراف الخارجية الداعمة للثورة، والداعمة للإماميين، بوساطة العراق والجزائر، كما أصدر بيان ينص على أهمية إنهاء الخلافات العربية، وصناعة تصالح شامل بين كل الدول العربية.
– في نهاية أبريل 1964 قام عبدالناصر بزيارة للجمهورية العربية اليمنية، مؤكدًا دعمه للجمهورية، ومناديًا الاحتلال البريطاني لمغادرة اليمن.


– بقيت القوات الملكية تحاول تصعيد هجومها على الجمهوريين، ذلك أدى إلى إطالة حسم الجمهوريين للصراع، والذي كان يحسب بأن يحسم في فترة أقل، لكن دعم الأطراف الخارجية مدّد القتال، وفي سبتمبر 1964 اتفق الملك فيصل مع جمال عبدالناصر على حل المسألة اليمنية سياسيًّا، وكان هذا التفاهم الثاني بعد سنين من الخطابات العدائية بين الدولتين.
– في نوفمبر 1964 بِدء سريان وقف إطلاق النار في اليمن، والتحضير للمؤتمر الوطني، والذي تم تأجيله إلى وقت غير معلوم.

– في عام 1965 قام السلال بزيارة مصر، وفي نفس العام، في واحد أبريل قُتل الزبيري بعد أن كان قد قدم استقالته احتجاجًا على السلطة القاىمة، وكذلك الداعمين المصريين، وفي نفس العام، مع مطلع مايو انعقد مؤتمر خمر، والذي جمع قوى لم تكن من بينها قائد الثورة ورئيسها الأول عبدالله السلال، وكان ضمن أهداف المؤتمر، استعادة العلاقة بالسعودية، ضمن إطار الجمهورية، كما أن المؤتمر حضره الكثير من الأطراف الملكية.
– في العام نفسه، 1965، كان الصراع العسكري أقل وتيرة مما كان عليه، لكن الصراع السياسي كان على أشده، أبرزه، تشكيل حكومة النعمان، والتي ستعقب حكومة الجائفي المستمرة لأقل من عام، إلا أن حكومة النعمان لم يمضِ عليها أشهر قليلة، قبل أن يعلن تشكيل حكومة العيني، كما أنه في هذا العام بدأ احتساب بعض القوات المصرية ضمن استراتيجية خاصة، وفي لحظة من استعداد القوات المصرية للهجوم على الملكيين بالمملكة العربية السعودية، التقى الرئيس جمال عبدالناصر بالملك فيصل في جدة، ليتفقوا على ما عرف باتفاقية جدة، وبدْء وقف إطلاق النار في اليمن بعدها.
– في 1966 استمرت بعض التوترات، دون حدوث جديد، وبدْء انسحاب عدد كبير من القوات المصرية في اليمن، إلا أن الطيران استمر بالقصف، كما أن أبرز ما حدث تشكيل السلال حكومة جديدة برئاسته، واعتقال مجموعة من الموالين للنظام الجمهوري في مصر.
– 1967 كان هذا العام صعبًا في المعارك على الجمهورية والجمهوريين، والذي ابتدأ بتشكيل حكومة للإمامة في نجران، واستمر بتصعيد عسكري عالٍ من قبل الإماميين.
– عودة المقيمين في الخارج، والالتقاء بالسلال، والاتفاق على بدء صفحة جديدة، وفي مطلع نوفمبر، ومع مغادرة الرئيس السلال إلى الاتحاد السوفيتي تم الانقلاب عليه، وصعد القاضي الإرياني إلى سدة الحكم، قبل أن تنسحب القوات المصرية قبل نهاية العام، وبشكل كامل.
– في مطلع ديسمبر 1967 تم تطويق صنعاء من قبل الإماميين بعد ثلاثة أشهر من استعادة القوات الإمامية لمحافظة صعدة، وتصاعد عملياتهم العسكرية، وفي ملحمة استمرت لسبعين يومًا، فك الجمهوريون الحصار، قبل أن يتم تحرير كل الأراضي اليمنية من سيطرة الإماميين، وكانت آخرها محافظة صعدة، والتي كلفت من الوقت عامين آخرين، قبل أن يفضي الأمر إلى تشكيل المجلس الوطني الجمهوري، وانتهى بالمصالحة الوطنية في جدة بشهر مارس 1970م.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى