كتبت/ أماني المقطري
أصبح لدى المواطن اليمني حساسية مفرطة مع كل ما هو فرائحي وجديد، أو مرتبط بعادات وتقاليد قديمة يتم العمل على تجديدها وتقديمها للعيان على سبيل إظهار الفخر بها.
اليمن ثري بالعادات والتقاليد والتي تتعلق، بصورة خاصة، باللباس التقليدي أو صور الاحتفالات، فحين تجالس أحد الأجداد وهو يروي قصصًا من الزمن الجميل ما قبل التسعينيات والمَدّ الوهابي الذي تسلل بين خلايا المجتمع اليمني، تتلذذ مسامعك ويسيل لعاب خيالاتك وهي تجيء وتغدو بين التفاصيل التي تُروى.. إلّا أنك عندما تحاول إعادتها إلى هذا الزمن، ومشاركتها الأصدقاء وغير الأصدقاء على شبكات التواصل الاجتماعي، تلقى جموعًا من المنتقدين والمهاجمين.. ما يُفسد فرحتك “ويا فرحة ما تمت”.
أتساءل هنا: هل أصبحت عين المواطن اليمني معتادة على مشاهد الحرب والدماء والدمار، وتشبعت أُذُناه بسماع دويّ الانفجارات والقصف وصراخ الأمهات، و”شهنجات” الأطفال المفجوعة؟ حتى أصبح يعترض على أي صوتٍ فرائحي، ومهاجمته لأي امرأة تعترض عينيه؟ أم أن الغضب الذي تكتمه هذه الفئة بسبب عائق إمكانية تعبيرها عن غضبها وسخطها من حكومتين تلتهمان حقوقه بشراهة، جعله يحول جم غضبه وسخطه لأقرانه من اليمنيين؟ مع وجوب الإشارة هنا إلى أن ذات هذه الفئة تتعامل بإيجابية مبالغ بها مع صور التجديد والانفتاح القادمة من بلدان أخرى.
الكثير من الصور الفرائحية تمر أمامنا في كل يوم، إلا أن نتائج نشرها غالبًا ما تكون عكسية، وتجلب ردود فعل مستشرسة، وتعمل على التفرقة الاجتماعية والثقافية لليمنيين بدلًا عن اتحادها وتقويتها كروابط تعد هي اللبنة الأساسية في أي مجتمع.
إن الثورات والتغيرات السياسية التي تطرأ على البلدان، والتي غالبًا ما تكون الحروب إحدى نتائجها، لها الدور الأبرز في تغيير نظرة المجتمع لعاداته الطبيعية التي يتعين عليه ممارستها بشكل طبيعي، كما أن هذه الحروب التي تتسبب في نزع حقوق المواطنين تلعب دورًا في حرف مسار اهتمامات الشعوب، فتتجه على نحوٍ غير سوي في محاربة بعضهم البعض.
تخلق الحروب الموجهة مباشرة نحو المواطنين نوعًا من الفراغ وثغرات تتسع بمر السنين بين المواطن وانتزاع حقوقه، حتى تبدأ هذه الحقوق بالتلاشي، حتى يراها المواطن ضربًا من الخيال، أو من الكماليات التي لا ينبغي التفكير فيها، والتركيز فقط في الحرب التي تتغذى على جهل المواطنين.
يفسر البعض من رواد مواقع التواصل مصطلح الانفتاح بأنه تخلٍّ عن الدين والعادات والتقاليد، في حين أن الأخيرين لا صلة لهما ببعض، غير أن غالبية البشر توارثوهما عن آبائهم وأجدادهم، دون بحث أو معرفة، في حين أن اعتناق الأديان بذاته يتطلب كثيرًا من البحث لكثرة الأسئلة الوجودية التي تُدار حولها، أما العادات والتقاليد فهي متغيرات وغير ثابتة، وتختلف من مجتمع لآخر، وهي ليست علمًا قائمًا بذاته.