شباب هاوس..
في مدينة عدن التي شحّت عروقها من الأنشطة الثقافية والإبداعية، يأتي فجأة وعلى غير المتوقع في ويلات الحرب، مركز عدن الإبداعي ليعيد لهذه المدينة روحها الثقافية والفنية، ويوفر مساحة مجانية وآمنة للفنانين والمبدعين ليمارسوا فيها أنشطتهم الإبداعية المختلفة، بعيدًا عن تلك الويلات.
الفنان يبحث عن استوديو ليسجل أغانيه، والرسام والمصور يبحثان عن مساحة لإقامة معارضهما، والمبدع يبحث عن مكان للتفكير، والقارئ والكاتب يبحثان عن مكان هادئ يوفر لهما حميمية القراءة والكتابة.
يندرج مركز عدن الإبداعي ضمن مشروع مراكز اليمن الإبداعية الممول من الاتحاد الأوروبي، وبتمويل مشترك من معهد جوته.
وقد تولت مؤسسة عدن أجين تأسيس المركز، كأحد أنشطة مراكز اليمن الإبداعية، التي تنفذها بالشراكة مع الجهات المذكورة.
وبما أن الحاجة أم الاختراع، والاحتياج رفيق المعاناة، فإنه بحسب مازن الشريف – رئيس مؤسسة عدن أجي – تم افتتاح مركز عدن الإبداعي في 8 أغسطس/ آب من العام الجاري، لتوفر مساحة للمبدعين الشباب في عدن، لتنمية أفكارهم وإبداعهم ومواهبهم، من خلال التدريب، وإقامة الفعاليات والاجتماعات والمعارض.
وبحسب القائمين على المركز، فإنه يحتوي على استوديو خاص بإنتاج الأعمال الصوتية، سواء للعازفين أو للفنانين الغنائيين أو المتخصصين بالمقابلات الصوتية (البودكاست)، وغيرهم من الشباب الذين يعملون في المجال الصوتي.
ركن للقراءة والتصوير
المركز يوفر أيضًا ركنًا خاصًّا وهادئًا للمطالعة وقراءة الكتب القيّمة والمفيدة، وكذلك لوكيشن صغير يتيح لجميع المصورين والمهتمين بالأعمال المرئية القيام بإنتاج أعمالهم وتجهيزها.
غرفة للإلهام
هناك أيضًا غرفة تسمى بـ “غرقة الإلهام” ، والتي توفر مساحة هادئة للمبدعين والفرق الإبداعية، حيث يتم فيها عقد الاجتماعات، ومناقشة الأفكار بين المجتمعين، والخروج بأفكار ورؤى جديدة تخلق الفن، وتنمّي الابداع.
وبحسب رئيس مركز عدن الإبداعي مازن الشريف، فإن المركز متاح لكل الشباب المبدعين في مختلف المجالات، والمهتمين.
أنشطة وفعاليات متعددة
بالرغم من أن المركز مازال حديث الافتتاح، إلا أنه نفذ العديد من الأنشطة والفعاليات منذ الوهلة الأولى لانطلاقه، من بينها تنظيم لقاءات ثقافية وفنية، وأخرى خاصة برواد المشاريع الفنية، وكذلك الفن التجريبي.
كما نظم المركز عددًا من الدورات التدريبية حول مواضيع ثقافية مختلفة، من بينها دورات خاصة بعلم الألوان، وتدريب رسم الشخصيات الإلكترونية رقميًّا، وكذلك التخطيط الحضري للمدن والمراكز الحضرية القديمة.
وخلال نحو شهرين فقط (منذ افتتاح المركز) استفاد من التدريبات 30 متدربا ومتدربة.
وفي ما يخص الاجتماعات واستخدام المركز من قبل المبدعين، فقد استقبل المركـز منـذ افتتاحه 83 مستفيدًا ومستفيدة، وقام المركز بتنسيق لقائين ثقافيين حضرهما 95 شخصًا.
كما يعتزم المركز خلال الأيام القادمة تنفيذ دورات خاصة بالتصوير، بعنوان “كاميرتك استخدمها صح”.
أهمية المشروع
يبقى مركز إبداع عدن في النهاية مساهمة مهمة ونوعية لإعادة إحياء النشاط الثقافي والإبداعي، لكن الشباب اليمني ما يزال بحاجة إلى المزيد من المساحات الإبداعية والفرص التي تساعدهم في إنتاج أعمالهم وإخراجها للجمهور، ومحاولة استعادة وجه مدينة كانت على الدوام رمزًا للسلام والثقافة، حتى أتت الحرب وجعلتها أكثر شحوبًا من أي وقت مضى. وبالتالي مثل هكذا مشاريع هي التي يمكن أن تعيد لوجه عدن نضارته وألقه، وتنتشل من براثن الحرب كل ما هو جميل لتعيده إلى الصدارة وإلى الواجهة.
*ينشر بالشراكة مع معهد جوته الألماني بمشروع مراكز اليمن الإبداعية الممول من الاتحاد الأوربي وبتمويل مشترك من معهد جوته