هشام سرحان – شباب هاوس
مؤخرًا، برز اسم الشاب والباحث اليمني سهيل حسن الصالحي (27 عامًا)، كأحد العباقرة الذين مثلوا اليمن والمنطقة العربية، ونبغوا في أحد التخصصات الدقيقة والنادرة على مستوى العالم.
خاض الصالحي مرحلة الدراسات العليا وتجربة البحث العلمي بتفوق واقتدار، وحصل – الثلاثاء/ 22 نوفمبر من العام الجاري – على الدكتوراه من أعرق الجامعات الأمريكية والعالمية، وذلك في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي، وهو تخصص يُعد الأصعب والأكثر دقة وقيمة ومنفعة للإنسان في أنحاء العالم.
يُعد الصالحي أحد الطلاب المتفوقين الحاصلين على درجة الدكتوراهفي تخصص “الروبوت والذكاء الصناعي“، وذلك عن رسالته الموسومةبـ“Spatio-temporal Logics, Learning, and Synthesis for Multi-agent Systems“.
عبّر الشباب اليمنيون عن مدى فخرهم واعتزازهم وفرحتهم بنبوغ هذاالشاب الذي أبهجهم في زمنٍ هُم في أمسّ الحاجة لمثل هذه الأخبارالسارة، والتي تستحق الاحتفاء بها.
منصة (شباب هاوس) في هذا التقرير تستعرض الكثير من التفاصيل المتعلقة بمسيرة حياة هذا الشاب الملهم.
سهيل الصالحي، الذي ولد في صنعاء، وتلقى تعليمه الأساسي فيها، درس البكالوريوس في جامعة باومان التقنية بالعاصمة الروسية (موسكو)، بتخصص الميكاترونيكس، وتخرج فيها في العام 2017 بدرجة امتياز “دبلوم أحمر”.
انتقل بعد ذلك لدراسة الماجستير بتخصص هندسة الأنظمة الفضائية في معهد “سكولتيك للعلوم والتقنية” بموسكو، وتنقل خلال عامين بين عاصمة روسيا، التي عمل فيها كباحث، وألمانيا حيث عمل مهندس أقمار صناعية، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية والتي قضى فيها منذ منتصف العام 2018 في معهد ماساتشوسيتس للتقنية كباحث زائر، حتى أنهى دراسة الماجستير عام 2019 بامتياز.
أثناء محاولاته مواصلة الدراسة في مجال الفضاء واجه الصالحي عددًا من الصعوبات، فقرر التعمق في مجال الذكاء الاصطناعي والأتمتة والروبوتات، وانتقل في العام 2019 إلى مدينة بوسطن الأمريكية لدراسة الدكتوراه.
عمل منذ وصوله في نفس العام وحتى 2022 على عدة مشاريع لتطوير تقنيات التحكم بالشبكات الروبوتية والخلايا الجذعية باستخدام الذكاء الاصطناعي والطرق الشكلية.
التفوق الذي أحرزه الصالحي في مراحل دراسته خارج اليمن، وما رافقها من مشاريع وأنشطة ومشاركات علمية وبحثية، يأتي عقب جهود استمرت قبلها داخل البلاد لسنوات.
في حديثه لـ”شباب هاوس”، يقول سهيل الصالحي: عشت كل سنوات طفولتي في صنعاء، كما كنت أزور – أحيانًا – القرية والمحافظات الأخرى، وقد تلقيت تعليمي في صنعاء، حيث درست في مدرسة هائل سعيد أنعم من الصف الأول وحتى السادس الابتدائي، ثم درست حتى الصف التاسع في مدرسة المقداد بشملان، كما درست المرحلة الثانوية في البرنامج الوطني لرعاية وتأهيل الموهوبين (مدرسة الميثاق حينها).
ينحدر الصالحي من أسرة متعلمة، حيث تأثر بوالدته التي تعمل معلمة، وبوالده الدكتور الراحل (حسن الصالحي)، والذي كان يعمل في جامعة صنعاء، ومنهما حصل على التشجيع، واكتسب شغف المعرفة وحب العلم.
يضيف لـ”شباب هاوس”: “تأثرت كثيرًا بأبي وبعض أصدقائه، والكثير من الشخصيات العالمية التي قرأتُ، وما زلت أقرأ عنها”.
تفوق في الثانوية العامة بنسبة 95%، وحصل على منحتين لدراسة البكالوريوس، إحداهما من وزارة التعليم العالي، والتي اختارها، لكن الأوضاع في اليمن ساءت كثيرًا منذ العام 2015، وألقت بظلالها على مستحقات الطلبة المبتعثين للدراسة في الخارج، حيث أصبحت المساعدات المالية التي توفرها الدولة متقطعة؛ ما اضطره للعمل ومواصلة الدراسة في آن واحد.
يذكر الصالحي لـ”شباب هاوس”: “كنت حينها أعلّم اللغة العربية للأجانب، وأدرّس مواد مدرسية لطلاب المدارس العربية في موسكو”.
ويتابع: “في مرحلة الماجستير حصلت على منحة دراسية ومقعد مجاني في معهد سكولتيك للتقنية، وفي مرحلة الدكتوراه حصلت على منحة ومقعد مجاني، وعملت كباحث أيضًا في جامعة بوسطن الأمريكية”.
يقول الصالحي إنه تلقى دعمًا من معهد سكولتيك الروسي وجامعة بوسطن الأمريكية، وذلك خلال السفر للمشاركة في المؤتمرات وغيرها، إلى جانب الدعم الذي تلقاه من معهد سكولتيك، وذلك عقب دعوته للدراسة في معهد ماساتشوسيتس للتقنية، والذي يندرج ضمن أفضل ثلاث جامعات في العالم.
تركزت رسالة الدكتوراه التي أعدها الصالحي في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي حول كيفية التحكم بالأنظمة المتعددة، سواء الروبوتات أو غيرها، وجعلها تؤدي مهمة مشتركة – حسب قوله، والذي يوضح لـ”شباب هاوس” أن الهدف من رسالته العلمية هو جعل فريق الروبوتات يقوم بمهمة مشتركة.
إنجاز رسالة الدكتوراه لم يكن بالهين بالنسبة للصالحي؛ كونه يتطلب كتابة أوراق علمية وبحث علمي، ومناقشة للدفاع عن الرسالة، والقيام بالكثير من المهام الأخرى، خصوصًا في جامعة بوسطن والتي يتطلب من الباحث فيها تدريس طلاب البكالوريوس لترمين كاملين، إلى جانب الاعتكاف في المكتب والمعامل، وأداء العديد من المهام الأخرى، وهو ما فعله الصالحي.
واجه الصالحي خلال مرحلة الدكتوراه صعوبات كثيرة، حيث يقول: “على المستوى الشخصي كنت أتحسر على بلدي اليمن، وما يحصل فيها من مشاكل، وتعرضت لضغط نفسي كبير، وكنت أريد أن أنفع بلادي والناس وأساعدهم، إلى جانب الصعوبات العلمية، حيث عملت أثناء الماجستير على هندسة الأنظمة الفضائية، ولكن بسبب صعوبة الحصول على عمل في هذا المجال الحساس، والذي من الصعب أشتغل فيه على الستالايت والأنظمة الفضائية، ولذلك كان من الصعب عليّ أن أواصل وقررت أن أحول إلى مجال آخر.
تطلب الأمر حينها، بحسب الصالحي، إعادة دراسة الكثير من الأشياء من الصفر، وتجاوز مشكلة اختلاف اللغات، لافتًا إلى أنه درس في اليمن بالعربية، وفي روسيا بالروسية، وفي أمريكا بالإنجليزية، وهذه صعوبات بسيطة، ويمكن تجاوزها، فضلاً عن ضرورة دراسة المواد الجديدة والكثير من الكورسات التي كان ينبغي دراستها قبل الشروع في البحث.
على المستوى التقني، واجه الصالحي في مرحلة دراسة الدكتوراه صعوبة في ابتكار شيء جديد، كما واجه مشاكل كثيرة ليس لها حل.
يقول: يتطلب العمل على رسالة الدكتوراه القيام بحل مشاكل ومسائل علمية وتقنية لم يحلها أحد من قبلي؛ لكوني أول شخص يشتغل على هذا الموضوع، والحمدلله تخطيت الصعوبات الشخصية والعلمية والتقنية.
تأتي قيمة وأهمية بحثه من كونه يحوي أدوات كثيرة ومهمة للتحكم بالأنظمة الذكية، سواء الروبوتات أو غيرها، فضلاً عن استنتاج خواص تلك الأنظمة وأدوات قيادة الأنظمة المتعددة من أجل تحقيق أهداف مشتركة في هذا المجال.
يوضح الصالحي لـ”شباب هاوس”: رسالة الدكتوراه الخاصة بي تتضمن أدوات مهمة في هذا المجال، وكأي بحث دكتوراه تحوي على إضافات وحلول لمشاكل لم يسبق حلها، كما يلفت إلى أن لديه خططًا مستقبلية كثيرة، ويضع على عاتقه وفي حسبانه منفعة الناس والعالم وبلده اليمن وأصدقائه وزملائه في اليمن وغيرها، كما يتطلع نحو المستقبل، والذي يتوقع أن يكون أفضل بكثير، وخصوصًا بعد تجاوز هذه المحطة العلمية.
بعد الانتهاء من الدكتوراه، شعر الصالحي كما لو أن جبلاً قد انزاح من على صدره.
يعزو ذلك إلى أن هذه المرحلة صعبة، وقضى خلالها أشهرًا في المكتب والمعمل والمنزل، خصوصًا أثناء تفشي كورونا.
ويختم سهيل الصالحي حديثه لمنصة (شباب هاوس)، بالقول: كانت فترة صعبة، لكنها جميلة، ولذلك أنا سعيد بأن هذه الفترة انتهت، وتم مناقشة الدكتوراه.
فيديو يساعد على فهم الرسالة
رابط لسيمينار قام بالقائه من قبل في أحد المؤتمرات