هشام سرحان
تتباين أمنيات شباب وشابات اليمن في العام 2023 على المستوى الشخصي، إلا أنها تتفق بدرجة كبيرة على المستوى الوطني أو العام، خصوصًا في بلد يرزح تحت وطأة الحرب الدائرة منذ العام 2015 وما رافقها من تداعيات كارثية ألقت بظلالها على مجمل الأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية والإنسانية والمعيشية وتفاصيل الحياة الخاصة والعامة، كما ضيقت من الخيارات المتاحة للتفاؤل والأمل والتطلع نحو المستقبل.
وفي ظل استمرار التعقيدات والصعوبات والتحديات التي أفرزتها الأوضاع الراهنة وما رافقها من فساد وفوضى واقتتال وتدهور مادي ومعيشي وغلاء وانقطاع للرواتب وغياب لمصادر الدخل، لا تتجدد أمنيات الشباب الشخصية والأسرية في اليمن أسوة بنظرائهم في البلدان الأخرى، بل تؤجل وتُرحّل من عام إلى آخر.
فعلى الصعيد الشخصي تتنوع وتتعدد أمنيات الشباب والشابات اليمنيين بين الحصول على عمل أو منحة أو مصدر دخل مناسب أو إكمال الدراسة، أو الحصول على فيزة للسفر والعمل خارج البلاد، أو غير ذلك من الأمنيات الخاصة بهم، وهي أمنيات مثقلة بسوء الأوضاع الاقتصادية وحاجتهم الماسة لتغيير حياتهم وتحسين أوضاع أسرهم وانتشالها من واقعها المأساوي.
وعلى الصعيد المجتمعي أو العام تحضر المشاكل الحاصلة في مدنهم أو بلدهم في أمنياتهم التي تحدثوا عنها لـ”شباب هاوس” مع قدوم العام 2023، والتي شملت فتح الطرق المغلقة، ووقف الحرب، والتوصل لتسوية سياسية ،وتجفيف منابع الفساد، وتوفير الخدمات وسبل العيش، ورفع القيود الرسمية، وتحسين مناخ الحرية، لا سيما حرية الرأي والتعبير والتنقل.
تطلعات متشابهة
عاصم خالد (20 عامًا) شاب قدم من أحد أرياف مدينة تعز للدراسة في إحدى كليات جامعة تعز، يتحدث لـ”شباب هاوس” عن أمنياته في العام 2023، قائلًا: أتمنى أن يكون هذا العام حافلاً بالإنجازات والنجاح في مسيرتي العلمية، كما أتمنى أن يفك الحصار عن مدينة تعز كي أتمكن من زيارة أهلي نهاية كل أسبوع دراسي، وأن يعم السلام والخير أرجاء البلاد، ويكون هذا العام مميزًا في تاريخ اليمن واليمنيين.
فيما يلخص الأستاذ الجامعي ماجد الجعفري (36 عامًا) أمنياته في العام 2023 بتوقف الحرب “وهذا يكفي ليعود الوطن آمنًا مستقرًا كما كان”..
ويضيف الجعفري أريد أن أنعم بحياة كريمة كباقي الشباب في مختلف دول العالم، كما أحلم بأن أعيش كإنسان بين أهله وفي وطنه، معززًا مكرمًا أنا ووطني.
ويلفت إلى أن العام 2022 كان كباقي الأعوام السابقة في زمن الحرب، أو ربما أقسها على وطني وعلى الشعب، فلا انتهت فيه الحرب ولا توقفت مآسيها، بل زادت معاناة الإنسان من الجوع والخوف واليأس والفقر والمرض وغيره.
أمنيات الشابات
في المقابل تتشاطر الشابات اليمنيات نفس المعاناة، وتأتي أمنياتهن في العام 2023 مشابهة لتطلعات الشباب..
عن أمنياتها تتحدث الشابة هند قاسم (25 عامًا) من مدينة تعز، عن أمنياتها بالقول إنها تتمنى على المستوى الشخصي أن تكمل دراستها الجامعية، وتحصل على وظيفة مرموقة تتناسب مع العناء الذي تجرعته والجهد الذي بذلته خلال سنوات الدراسة، أما على المستوى العام فتتمنى أن تتوقف الحرب في البلاد وتنتهي معاناة السكان في مدينتها، وتفتح طرقها المغلقة، كما تأمل في أن تتوفر الخدمات وتنخفض الأسعار وتتعافى العملة المحلية ويحل الأمن والاستقرار والسلام على مختلف أنحاء اليمن.
أما الإعلامية الشابة سماح عملاق، المقيمة في مدينة إب، فتقول إن أمنياتها هذا العام لا تختلف عن أمنياتها في الأعوام الماضية، والتي لم تتحقق بسبب التداعيات المتراكمة للأحداث في اليمن منذ العام 2011.
وتقول سماح لـ”شباب هاوس” بالنسبة لي كفتاة يمنية كل ما أتمناه في ظل الحرب والنزوح هو أن أتمكن من العيش عامًا إضافيًّا دون أن تضطر أدمع عيناي للانهمار كمدًا لفقدان عزيز أو صديق أو قريب، وأن أتمكن من والحصول على فرصة عمل وحياة كريمة ومغمورة بالصحة والعافية والسعادة، وأرى وطني مستقرًا آمنًا.
وتتابع سماح أصبحنا جميعًا نحلم بحياة كريمة وأجواء يسودها الاستقرار المادي والنفسي والعاطفي، كما تشير إلى أن أمنيات الشباب اليمني مقارنة بأمنيات الشباب في دول العالم بسيطة للغاية، وهي جزء من حقوقهم، ولا تعتبر في الدول الأخرى أمنيات، بل جزءًا من حقهم في الحياة الطبيعية.
وتضيف للأسف أمنياتنا في العام 2023 تقتصر على ما هو حق طبيعي بالنسبة لغيرنا في دول أخرى، كتعبيد دروبنا لنصل إلى المستقبل والحياة الكريمة والخدمات والفرص والتعليم والصحة بأمان.
وتوضح أن هذه المفردات من الطبيعي ألّا نسردها كأحلام، ومع ذلك فإننا نحلم بأن نصل إلى فرص العمل والتعليم دون محسوبية أو رشاوى، ونود أن تقدم هذه الحقوق وفق معايير عادلة وحسب الأهلية والأقدمية والكفاءة والاستحقاق.
الشاب طلال سعيد، من مدينة إب، حاصل على بكالوريوس تقنية معلومات، كغيره من الشباب له أمنيات يطمح لتحقيقها، والتي لم تختلف عن أمنيات الكثيرين على المستويين الشخصي والعام، ففي حديثه عن أمنياته لمنصة شباب هاوس، يقول إن أمنياته في العام 2023 أن يجد فرصة عمل تتناسب مع مؤهله الجامعي وتُدر عليه دخلاً يكفيه لتحقيق أحلامه المتمثلة بالزواج وتكوين أسرة وشراء سيارة والإنفاق على والده ووالدته.
ويؤكد سعيد أن ذلك لن يحدث ما لم تتوقف الحرب وتتعافى بيئة الأعمال والنشاط الاستثماري، وهو ما يأمل أن يتحقق في هذا العام.
بين صنعاء وعدن
ويتمنى الشاب نشوان نصر (23 عامًا)، والذي يقيم في عدن، في العام 2023 أن يحصل على عمل مع مؤسسة أو منظمة خارجية وبراتب مغرٍ، في حين يتطلع لأن تستقر الأوضاع في اليمن، ويحل عليها الأمن والأمان.
ويذكر نصر لـ”شباب هاوس” أن العام 2022 كان على المستوى الشخصي عامًا جميلًا، حيث حصلت فيه أشياء جميلة وعصية على النسيان.
أما بالنسبة للشابة سهى مهيوب، والتي تقيم مع أسرتها في مدينة عدن، فتذكر لـ”شباب هاوس” أنها تتمنى أن يكون العام 2023 حافلاً بالخير والسعادة والإنجازات العلمية والعملية، وأن يتعافى والدي وتعود الابتسامة والفرحة إلى أسرتي وجميع اليمنيين.
في صنعاء أيضًا لا تختلف أمنيات الشباب في العام 2023 عن غيرهم في المحافظات الأخرى.. الشابة ريم عبدالله (30 عامًا)، موظفة حكومية، تقول أتمنى في العام الجديد أن تصرف المرتبات المنقطعة، وأن تتغير حياتنا نحو الأفضل وتتوقف معاناة اليمنيين وتعالج أسبابها بشكل جذري، وتنتهي الأزمات المتواترة، وخصوصًا المتعلقة بالمشتقات النفطية والغاز المنزلي، كما تأمل أن تفتح جميع الطرق المغلقة، وترفع كافة القيود التي فرضت على السكان في سنوات الحرب.
من جهته عمرو القادري (23 عامًا)، وهو شاب تخرج العام الماضي من قسم الصيدلة، ويقيم في صنعاء، يتحدث لـ”شباب هاوس” عن أمنياته بالقول: أمنياتي في العام 2023 تتمثل بأن تتحقق أحلامي والتي ما زالت قيد الانتظار، وأن أصل إلى ما أريد، كما أتمنى أن تتحسن الأوضاع في البلاد، وأن يحدث فيها تغيير إلى الأفضل.
ويضيف ما أتمناه ويتمناه الجميع هو توقف الصراع بشكل تام في عموم البلاد، وأن يستعيد وطننا الحبيب السلام الغائب والأمن والاستقرار المفقود.