شاب هاوس/عمران مصباح
فرضت التكنولوجيا نفسها على البشرية بشكل لم يعد هناك مفر منه، فمن وقت لآخر تدخل حياتنا تقنية أكثر حداثة، حتى أصبحت التكنولوجيا تجتاح أعمالنا إلى درجة كبيرة، وبالرغم من أن ذلك عامل مساعد لجعل حياة البشرية أفضل وأكثر سهولة، إلا أنه خلق مشكلة تتمثل في كون التكنولوجيا أزاحت اليد العاملة من عدة قطاعات، لقدرتها في أن تحل بديلاً عن الإنسان.. أشعر ذلك الكثير من الفئات بالتهديد، وكان المصممون إحدى هذه الفئات، بسبب ما أظهرته التكنولوجيا من ذكاء اصطناعي في مجال التصميم، انتشر مؤخرًا بشكل فائق التطور، مما جعل التصميم متاحًا لكل شخص.
الذكاء الاصطناعي
مؤخرًا، حضر الذكاء الاصطناعي في مجال التصميم بشكل عالي المستوى، حيث لم يسبق أن ظهر بذلك الشكل من الدقة والقدرة والإتقان، بل ومن المتوقع أنه آخذ في التطور أكثر فأكثر.
تتحدث مصممة الجرافيكس رقية فرحان، قائلة: “بكل تأكيد لدى الذكاء الاصطناعي قدرة فائقة على تحليل البيانات، وتقديم نتائج سريعة، وبجودة عالية، وطرق بسيطة، وغير مكلفة، ويعتمد تميُّز النتائج على حسب المدخلات، ودقتها في الوصف”.
تضيف فرحان أن وصول تلك التقنية لكل الأشخاص سيجعل استخدامها عشوائيًّا، وذلك لعدم معرفة هؤلاء لأسس ومبادئ التصميم، وهو ما يعتبر إشكالية بالنسبة للمصممين.
هناك الكثير من الحديث بأن تأثير دخول الذكاء الاصطناعي سيقع على المصمم، قائلين إن دوره في السابق كان أساسًا مجرد محرك للتكنولوجيا، ويستخدمها في توظيف ما يريد، أما وقد تطورت هذه الأدوات، فبالإمكان أن يقوم بهذا الدور أي شخص، حتى لو كان غير متخصص.
عن ذلك، يتحدث أصيل إيهاب، وهو: Creative director، قائلاً: “أنا غير مؤمن بأن المصمم مجرد منفذ يستخدم الأدوات والبرامج فقط، لأن المصمم في الأساس هو فنان، ومفكر، ومبتكر، والذكاء الاصطناعي يجب أن يتعلمه المصمم لأنه سيجعله ينفذ بشكل أفضل، لكن الذكاء الاصطناعي لن يفيد بشيء إذا لم توجد هذه المهارات؛ لذا سيكون ذلك خادمًا للإنسان، وليس منافسًا له”.
الفرق بين الفنان والآلة
تدخل قدرات الذكاء الاصطناعي على عمل التصميم بشكل كبير إلا أنه، بشكل أو بآخر، يبقى لتلك التقنية طريقتها، ولو كانت خارقة، ويبقى للمصممين لمساتهم الإبداعية والفنية الخاصة.
عن الفرق بين هؤلاء، يتحدث المصمم ومحرك الرسوم أصيل إيهاب، قائلاً: “المصمم هو الدينامو الأساسي، ومنه تخرج الفكرة الأولى لأي نتيجة، وحتى في التعامل مع العملاء، وحده الإنسان من يستطيع تحقيق رغبة العملاء التي لن تفهمها الآلات والتقنيات، كما أن العميل لن يهتم بالطريقة التي أنت ستحققها، هل بالذكاء الاصطناعي، أو غيره، يهتم بتحقيق ما يريد فقط، وهذا الهدف وحده المصمم من يستطيع القيام به، وليس الذكاء الاصطناعي”.
لا يستطيع المصمم عمل تصميم دون استدعاء الذكاء الاصطناعي، والعكس أيضًا لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعمل دون وجود فنيات المصمم، عن الفرق بين الركيزتين الأساسيتين في عمل التصميم.. تتحدث المصممة رقية فرحان، قائلة: “المصمم وباستخدام التقنية يقدم عملًا احترافيًّا متناسقًا، وكل مصمم له ميزته التي تجعله ينافس في السوق، بينما الذكاء الاصطناعي دون مصمم، يقدم عملًا محدودًا، حسب البيانات المدخلة له، وقد يحدث تكرار كبير بين النتائج، وغير متناسق مع الهوية البصرية، فالذكاء الاصطناعي يفتقر للإبداع الذي يمتلكه الإنسان”.
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون بديلاً؟
انتشار الذكاء الاصطناعي في الفترة الأخيرة، جعل أي شخص يستطيع التصميم، ذلك أثار الكثير من الجدل، فهناك من يقول بأن ذلك قد أوجد فوضى كبيرة، وآخرون يتحدثون عن إمكانية إحلال التكنولوجيا بديلة للإنسان في مجال التصميم.
تُعلق المصممة رقية فرحان على ذلك قائلة: “لا أعتقد أن وجود الذكاء الاصطناعي سيؤثر في عمل المصممين، وذلك لأن جودته ما زالت محدودة، وليس لدى الجميع القدرة على استخدامه والاستفادة منه، بالإضافة إلى أن الخدمات التي يقدمها الذكاء مدفوعة، فكلما أردت نتائج إبداعية أكثر اضطررت إلى دفع مقابل الخدمة”.
ذعر لا مبرر له
أصبح الذكاء الاصطناعي يدخل على الكثير من الأعمال، ويثير الذعر عند المصممين ممن يعمل بذلك المجال، خوفًا من الاستغناء عنه لصالح تلك التقنية الحديثة.
يعلق أصيل إيهاب، قائلاً: “أكيد سيشعرهم بالخوف، لكن أعتقد هو خوف غير مبرر، لأن ما يحصل هو عامل مساعد أكثر مما قد يضيق عليهم، والفرق شاسع بين إمكانية الفرد، والآلة، كما أن الانسان في كل الأعمال يعمل مع الآلة جنبًا إلى جنب، بل لا يستطيع الاستغناء عنها، وكذاك الآلة لا تستطيع إدارة نفسها دون تدخل الفرد، الفرد المتخصص”.
التقنية الحديثة كعامل مساعد
منذ أن ابتدأ عمل التصميم، رافقه تطور تكنولوجي وتقني مساعد للفرد، عبر برامج مختلفة، وقد يوظف المصممون التطور الكبير في الفترة الأخيرة لصالحهم، بالاستفادة منه.. عن إمكانية حدوث لك، يتحدث أصيل إيهاب: “يجب على المصممين المواكبة من خلال التمكن من العمل عبر هذه التقنيات الحديثة، لتعزيز عملهم قدر الإمكان، لذا أستطيع القول إن الذكاء الاصطناعي هو أداة تنفيذ الأفكار التي تتشكل في عقل المصمم، وهذا قد يدفع بأفراد جدد للمجال، ولن يزيح السابقين، كما أن الإبهار الذي يصل من تصميم ما، يوجد بسبب الفكرة، وليس في كيفية تنفيذها، باستثناء من يفهم بالأعمال”.
في المستقبل، قد يستند المصممون بشكل كبير للتقنية الحديثة والذكية، لكن كيف يمكن حدوث ذلك، وما الميزات التي قد يدخلها الذكاء الاصطناعي في عمل المصممين، رقية فرحان، تعطي رأيها، قائلة: “قد يساعد في إنجاز العمل بشكل أسرع، وأسهل، كما سيوفر لنا كمصممين الوقت، والجهد في التفكير، وستظهر نتائج مبهرة يمكن توظيفها في مشاريعنا، وفي الأخير الذكاء الاصطناعي بشكل عام، هو أداة ووسيلة مساعدة، وليس بديل للمصممين”.
الذكاء الاصطناعي من دون خبرة لا يقدم عملاً احترافيًّا
بالرغم من أن الذكاء الاصطناعي جذب الكثير من الشباب لتجربة تلك التقنية حتى دون أيّ معرفة بالمجال، إلا أن ذلك، ومهما كان في المتناول، قد لا يقدم عملاً احترافيًّا، لأن من يستخدم ذلك لا يملك أدنى خبرة في المجال، مما يبقي المصممين بنفس الأهمية التي كانوا عليها.
وفي الأخير، مهما انتشر الذكاء الاصطناعي، وزادت سهولته، لن يكون أكثر من داعم لمن يعمل في المجال، وعامل مساعد لهم، كما هو الحال مع دخول التقنية الحديثة في كل المجالات.