دهليزرئيسي

الشباب اليمني بين متفائل ومتشائم..
“شباب هاوس” يفتح كواليس مشاورات الرياض

 
شباب هاوس – تقرير/ لمياء الشرعبي

انتهت، مساء الأربعاء 6 أبريل الجاري، المشاورات التي عقدها التحالف العربي بقيادة السعودية على اعتبار أنها مشاورات يمنية – يمنية، بمخرجات صادمة للشعب اليمني، بمن فيهم الوسط الشبابي، الذي حوَّلها إلى مادة للسخرية والفكاهة.
النتائج تضمنت إعلان رئيس الجمهورية اليمنية، عبد ربه منصور هادي، نقل السُّلطة الممنوحة له بموجب دستوري، إلى مجلس قيادة برئاسة رشاد محمد العليمي وعضوية سبعة أعضاء، وإعفاء نائب رئيس الجمهورية اليمنية علي محسن الأحمر من منصبه، وهو ما لم يكن متوقع في الشارع اليمني، فبعد الرفض المطلق من الحوثي للمشاركة في هذه المشاورات والجلوس إلى طاولة الحوار، اعتقد المواطن اليمني أن المشاورات لن تشكّل أيّ تحولات جديدة في الملف اليمني.
جاء قرار تعيين سبعة أعضاء للمجلس بدرجة نائب رئيس المجلس القيادي، على اعتبار توحيد الصف الجمهوري ضمن مكون واحد، وتضم قائمة العضوية رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، وطارق صالح المدعوم إماراتيًّا، ومحافظ مأرب سلطان العرادة، وعبدالله العليمي باوزير، وعبدالرحمن أبو زرعة، وعثمان حسين مجلي، وفرج سالمين البحسني.

النص الرسمي
استند النص الرسمي الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور إلى المادة (9) من الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، والتي نصت على اتخاذ كافة التشريعات اللازمة لتنفيذ الضمانات الواردة في المبادرة الخليجية، وأهمها تلبية طموحات الشعب في التغيير والإصلاح، وإزالة عناصر التوتر السياسية والأمنية.
شمل النص الرسمي بالإضافة إلى تشكيل المجلس الرئاسي، تعيين هيئة تشاورية للدعم والمساندة مكوّنة من خمسين عضوًا، كما يشمل النص تشكيل فريق قانوني من الكفاءات الوطنية المختصة، وفريق اقتصادي لدعم الإصلاحات.

تنص المادة رقم (7) للنص الرسمي الصادر من الرئيس عبد ربه منصور هادي على الحل السياسي الشامل، وورد في سياق المادةيتولى مجلس القيادة الرئاسي التفاوض مع (أنصار الله) الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية، والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام“.

خذلان مستمر
يعيش الشارع اليمني مراحل شك بكل قرارات المكونات السياسية، فالخذلانات السابقة كونت لدى المواطن اليمني حاجزًا منيعًا من فقدان الثقة.
مراقبون شباب على مواقع التواصل الاجتماعي علقوا على تسمية الحوثيين بـأنصار اللهفي المادة رقم (7)، إذ اعتبروا ذلك اعترافًا صريحًا من الحكومة بأن الحوثيين هم مناصرون لله، وليسوا مليشيات أحدثت انقلابًا في اليمن.
شادي الأثوري يرى أن طلب الحكومة اليمنية للتحاور مع الحوثيين يتوجب عليه الاعتراف باسمهم الذين يسمون أنفسهم به، وبالتالي من الطبيعي أن يتم ذكرهم بـأنصار الله“.

الشباب اليمني ما بين متفائل ومتشائم

تباينت آراء الشباب اليمنيين في مواقع التواصل الاجتماعي في ما يخص الإعلان عن المجلس الرئاسي، فقد رجح البعض بأن التاريخ السعودي في اليمن لا يستدل به عن رغبة السعودية في جمع وحدة الصف اليمنية، مشيرين إلى أن التحالف هو من كان السبب في تفرقة وحدة الصف في اليمن، فأغلب الكيانات المتفرقة كانت مدعومة من السعودية والإمارات.
عزيز الشرعبي (23 عامًا)، وفي تصريح  لـشباب هاوس، عبّر عن تفاؤله بالمجلس الرئاسي؛ كونه يجمع كل الأطراف المختلفة سياسيًّا وعسكريًّا تحت راية الجمهورية اليمنية.
ويتمنى عزيز من أعضاء المجلس الرئاسي سرعة دمج القوة العسكرية من الشمال إلى الجنوب تحت اسم الجيش الوطني.

عبدالله محمد

بينما يرى عبدالله محمد علي أن تشكيل مجلس رئاسي في الوقت الراهن من شخصيات متناقضة وغالبيتها تدين بالولاء المطلق للإمارات والسعودية يفتح الباب للصراعات.
يقول عبدالله لـشباب هاوس“: “إنها خطوة تخدم مصالح الجنوبيين في صدارة الأولويات، حسب تعبيره.
محمد الياسري (31 عامًا) يعتقد أنه بسبب الوضع الدولي والحرب في أوكرانيا تغيرت وجهة نظر التحالف ما جعل السعودية والإمارات ذات نية جادة لإنهاء الحرب في اليمن عن طريق السلام، وإذا اضطرهم الوضع للحسم العسكري، سيكون ذلك.

محمد الياسري

ويتوقع الياسري ألاّ يكون هناك سلام عن طريق المفاوضات لأن المجلس الرئاسي سيتمسك بالمرجعيات الثلاث، والحوثي لن يخضع لهذه المرجعيات ولن يوافق على تسليم سلاحه وتطبيق قرار 2216.
من جانبه يرى صلاح الواسعي (23 عامًا) أن المجلس الرئاسي سيفشل في تحقيق السلام لليمن.

ويقول صلاح لـشباب هاوس“: على مدى التاريخ السياسي اليمني مر اليمن بأربع تجارب للقيادة الجماعية: المجلس الرئاسي، فترة رئاسة عبدالله السلال، وفترة رئاسة القاضي عبدالرحمن الإرياني، وفترة رئاسة إبراهيم الحمدي، والغشمي، المجلس الرئاسي في جنوب اليمن، والمجلس الرئاسي للوحدة.
وأوضح صلاح أن جميع تلك التجاربللقيادة الجماعيةكان هدفها خلق حالة سلام والخروج من واقع الحروب الأهلية، لكنها إجمالًا أثبتت فشلها تاريخيًّا إلاّ في فترات جزئية، فقد كان الطابع السائد على تلك المجالس الرئاسية، هو التفرد بالقرار لجهة رئيس المجلس عمليًّا، الصراع على السلطة بين أعضاء المجلس، والخلافات البينية التي تجرُّ أحيانَا للاقتتال الدامي كما في حالةالمجلس الرئاسي في جنوب اليمن“.
ويرى الواسعي أن التجربة الديمقراطية المعدومة في اليمن كالسباحة التي لا يمكن اكتسابها تنظيرًا.

سياسة ومؤامرة

أنيس منصور

مجلس القيادة الرئاسي المتعدد من كل أطياف المجتمع في مناطق الحكومة اليمنية جعل مسؤولية البلاد مشتركة على الجميع في حال النجاح أو الفشل، ووضع حدّ للشماعات التي علق عليها التدهور المستمر في التعامل مع شتى ملفات المرحلة، واتخذت كمبرر لاستمرار الفشل كما حدث في السنوات الماضية.
الصحفي أنيس منصور يقول لـشباب هاوسإن المجلس الرئاسي عبارة عن طبخة إماراتية سعودية لحرب جديدة.
يشير أنيس إلى أنّ معلومات مؤكدة وصلته تقول إن خلاف حصل في مشاورات الرياض، وتم إغلاق النقاش دون الوصول إلى اتفاق حيث سلم الأمر لمجلس التعاون الخليجي.
يواصل أنيس حديثه : “علم الرئيس هادي ونائبه بما يحاك من مؤامرة وبسرعة دعا إلى انعقاد استثنائي مهم لمجلس الدفاع الوطني بحضور ألرئيس والنائب وعندما علمت الاستخبارات السعودية بالاجتماع، تواصل محمد بن سلمان بالرئيس هادي بشكل مفاجئ وأبلغه أنه قادم إليه، وطمأنه أنه سوف يحل الإشكال، وتم إيقاف اجتماع مجلس الدفاع الوطني، ودخل ابن سلمان ومعه مستشارون من الديوان وضباط استخبارات ورتل كبير من القوات الأمنية السعودية إلى مكتب هادي“.
ويضيف: بعد شد وجذب حدث بين الرئيس هادي وولي العهد السعودي محمد سلمان، تم أخذ هادي مع أولاده وفريق محمد سلمان إلى قصر ابن سلمان، بقي هادي معهم من التاسعة مساء إلى الـ 7 فجرًا من الجمعة، ثم أعادوه وحيدًا مع اختفاء أولاده ومرافقيه.

كان الأمر بشكل مفاجئ
عُرض البيان على الرئيس هادي جاهزًا بكل فقراته، ورفض بعضها وتعرض هادي لضغوطات شديدة وتهديدات ونقاش استمر ساعة ونصف مع ولي العهد السعودي محمد سلمان، انتهى النقاش بإرغام هادي بالقوة القبول بالإعلان والبيان، واشترط هادي أن يكون رشاد العليمي في رئاسة المجلس، وأن يتم استبدال محافظ حضرموت فرج البحسني بخالد بحاح الذي كان قد اقترح اسمه بن سلمان، وأصر أن يكون ضمن المجلس.

في سياق آخر يقول عبدالله المعمري، وهو مدرب صحفي في تعز: في ما يخص إحلال السلام في اليمن، أن الحوثيين لن يقبلوا بالاندماج تحت سقف مجلس القيادة الرئاسية لإنهاء مرحلة الحرب، كون المجلس واقعيًّا يعالج الوضع الداخلي بين مكونات الحكومة الشرعية فقط.
ويتابع المعمري، في حديثه لموقعشباب هاوس“: “يَعدُّ الحوثيون أنفسهم مكونًا من المكونات السياسية، بل دولة مكافئة للشرعية، وهو الأمر الذي يرفع سقف المطالب التي ستكون عقدة الحل في اليمن“.

نقطة تحول

هيفاء المذحجي (22) عامًا، وفي حديثها لـشباب هاوسترى أن المجلس الرئاسي سيشكل نقطة تحول كبيرة في المشهد اليمني، ولربما قد يدفع كثيرًا بتطور العملية السياسية والتوصل لاتفاق سلام شامل مع الحوثيين.
واعتبرت المذحجي تشكيل المجلس بمثابة بدء حقبة جديدة في اليمن، وسيكون فيها السلام في القريب العاجل.
وتقول هيفاء: “كون المجلس الرئاسي يضم قيادات من الصف الأول في كيانات الشرعية وقيادات فاعلة، سينعكس ذلك إيجابًا، بحيث سيتمكن المجلس من توحيد مواقفه السياسية ولمّ الشتات والتفرقة الحزبية“.

تكتيك عسكري

سكون احمد

في المقابل تقول سكون أحمد (20) عامًا لـشباب هاوس“: إنها  تحاول أن تتفاءل بالخير كثيرًا والمجلس الرئاسي، لكن التاريخ السياسي للتحالف العربي الذي فرق وحدة الصف يجعلها تشك بصدق نوايا التحالف، وتعتقد أنه تكتيك عسكري لبداية حرب جديدة“.

ضرورة ملحة

رشا كافي

رشا كافي (25) عامًا بدورها علقت على تشكيل المجلس، قائلة إنه جاء بغرض جر جماعة الحوثي إلى طاولة المفاوضات، بحيث لا يكون لديهم مبرر للرفض المفاوضات.
وأشارت رشا، في تصريح لـشباب هاوسإلى أن الحوثي كان في السابق يرفض الجلوس على طاولة الحوار، ويتحجج بإقالة هادي وعلي محسن باعتبارهما من قادوا الحرب ضده.
وتضيف: أعتقد الجميع تلمّس ردود الحوثي من تغريدات الناطق الرسمي للحوثيين محمد عبدالسلام، وكذلك القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي رفضهم لهذه الإجراءات، والتي اعتبروها إجراءات غير قانونية، لأنها فرضت في دولةالعدوان، حسب قوله.
وتستنتج رشا، أن ذلك يعني أن الحوثي يراوغ كعادته، ولن يقبل بأي تنازلات تقدم له لأجل إحلال السلام، إلا أن تشكيل المجلس كان أيضًا ضرورة ملحّة منذ وقت طويل، خصوصًا بعد أن ظلت شرعية هادي مختطفة القرار بيد طرف واحد، يمارس كامل الصلاحية من عبث ونهب، في إشارة إلى حزب الإصلاح.
وأكدت أن هادي كان مجرد أرجوز لتمرير سياسة الإخوان وعبثهم في المناطق المحررة، حسب تعبيرها.

دعم ترقيعي
الشي الإيجابي في تلك المشاورات أيضًا أنها أسفرت عن تعافي الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، فقد أعلنت السعودية عن ثلاثة مليارات دولار كدعم سعودي للاقتصاد اليمني، منها مليارين بالمناصفة مع الإمارات للبنك المركزي، ومليار للمشتقات النفطية والمشاريع التنموي.
الخبير الاقتصادي وثيق صالح يقول، في حديثه لـشباب هاوسإن ما أعلنت عنه المملكة العربية السعودية بتقديم ثلاثة مليارات دولار، كدعم عاجل للحكومة، سيعمل إلى جانب عوامل أخرى على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمعيشي، وحتى تستفيد الحكومة اليمنية، من هذا الدعم عليها أن تحشد مواردها المستدامة، وتعمل على تحسين كافة أوعيتها الإيرادية، وتفعّل الصادرات المعطلة، من أجل ضمان تحقيق الاستدامة في موارد وإيرادات الحكومة، والقيام بالتزاماتها المالية، تجاه المواطنين، من تقديم الخدمات الأساسية، ودفع الرواتب، وتحقيق الأمن الغذائي، واستقرار قيمة العملة الوطنية.
كما أن الطرق التي تضمن استفادة الحكومة من الدعم الاقتصادي، هو إعداد خطط واضحة للتعامل مع كافة الإشكاليات الاقتصادية، ومكافحة الفساد، ووقف عملية نهب الموارد والإيرادات، ووضع خطة تقشفية، والإعلان عن الموازنة العامة، وكذلك تفعيل كافة مصادر البلاد من النقد الأجنبي حسب خبير الاقتصاد وفيق صالح.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى