دهليزرئيسي

الشباب اليمني.. حفاوة الانتظار وشغف الاستعداد لمتابعة بطولة كأس العالم

شباب هاوس.. هشام سرحان

مع كل حدث رياضي يتجمع الشباب اليمني في أماكن متعددة، ويمارسون شغفهم المعتاد بمتابعة المباريات وتشجيع المنتخبات المتنافسة والتفاعل مع كل لمسة وحركة تصنعها أقدام اللاعبين في مشهد رياضي لافت يصنعون فيه، كعادتهم، إيقاعًا مختلفًا للحياة من خلال التصفيق والصراخ والتصفير وعيش تلك الأجواء التي يعيشها المشجعون في المدرجات.
لكن مع هذا المونديال يبدو الوضع مختلفًا بالنسبة للشباب اليمني؛ حيث ينظرون لهذه البطولة، والتي ستقام لأول مرة في بلد عربي، كما لو أنها حدث يخصهم أو يقام في بلدهم، ما يدفعهم للقيام بالعديد من التحضيرات اللازمة لمتابعة هذا الحدث الكروي العالمي، والتفاعل مع أحداثه وأدق التفاصيل المرتبطة به، والتي سيتابعونها عن بعد في الشوارع والساحات والمنازل ودواوين المقيل ومقاهي الإنترنت والاستراحات، والتي تتحضر أيضًا لاستقبال عشرات الشباب المولعين بكرة القدم.

بروح رياضية عالية وشغف مزمن وحب كبير لرياضة كرة القدم، يترقب الشباب اليمني في عموم المحافظات مجريات وأحداث ومباريات مونديال كأس العالم، والذي تنظمه دولة قطر خلال الفترة (من 20 نوفمبر الجاري وحتى 18 ديسمبر المقبل)، وما سيرافق ذلك من تغطية إعلامية وتحليلات ومنافسات، إلى جانب الاطلاع على التجهيزات والمشاريع الرياضية العملاقة التي أنجزتها الدوحة خلال السنوات الماضية.

سيحيون في تلك الأوقات العديد من الطقوس الرياضية، والتي يعبرون بها عن بهجتهم ورغبتهم في الحياة ومغادرة الواقع المأزوم والمأساوي الذي خلفته الحرب الدائرة في اليمن منذ العام 2014.

الشاب أكرم مهيوب (29 عامًا) غادر صنعاء قبل عدة أشهر للعمل مع إحدى المنظمات العاملة في محافظة الجوف، ينتظر وبشغف بطولة نهائيات كأس العالم 2022، وذلك منذ ترشيح قطر لاستضافة هذا المونديال العالمي كما يقول في حديثه لـ”شباب هاوس”.. مضيفًا: “أنتظر هذه اللحظة منذ ما يقارب 10 أعوام، وأعد الأيام والأسابيع والأشهر والسنين لمجيئها”.
وفي حين يعمل أكرم محاسبًا، وبدوام كامل في منطقة نائية يصعب فيها إيجاد مكان مناسب أو استراحة أو نادٍ أو مقهى لمتابعة البطولة، يحاول منذ فترة تهيئة نفسه ماديًّا ومعنويًّا لمتابعة مجريات المونديال من خلال توفير كل ما يلزم من أجواء.
يلفت الشاب مهيوب إلى أنه قام بالتخطيط وبتحضير نفسه لمتابعة أحداث البطولة مع عدد من رفاقه، وذلك في منزل أو “عُزبة” لهم بإحدى نواحي محافظة الجوف، محاولاً التوفيق بين عمله وانشغالاته الشخصية وممارسة شغفه في متابعة المونديال، وعلى الرغم من ضيق وقته إلا أنه – حسب قوله – سيحرص بشكل كبير على متابعة كافة المباريات، ومواكبة كافة تفاصيلها التي تشبع نهمه الرياضي، والذي يلازمه منذ أن كان طالبًا في المرحلة الإعدادية.
يقول مهيوب إنه يتشاطر ذلك الشجن مع العديد من زملائه في العمل وأصدقائه المقربين، الذين انتهوا أيضًا من إجراء التحضيرات اللازمة لمتابعة الحدث الكروي العالمي، كما أنهم أنشأوا مجموعات رياضية في الواتساب وغيره من تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي، خصصوها لأخبار المونديال والنقاشات والتحليلات المتعلقة بالمباريات والمنتخبات وأحداث البطولة برمتها، وفق حديثه لـ”شباب هاوس”.
الطبيب صدام قاسم (31 عامًا)، هو أيضا بدا متحمسًا وفرحًا للغاية مع اقتراب بطولة كأس العالم 2022.
يتحدث صدام لـ”شباب هاوس” بالقول: “أنا متشوق جدًّا لهذا المونديال، والذي سيضم أفضل المنتخبات في العالم، وقد قمت بالعديد من الترتيبات، بينها التوفيق بين عملي ومجريات البطولة، إلى جانب تهيئة الأجواء المناسبة لمتابعة أحداثه داخل منزلي بصنعاء”.
يستقبل قاسم الحدث الكروي مع زملائه وأصدقائه ومعارفه بسلسلة من الاستعدادات، وعلى رأسها الاشتراك في قنوات (بي إن سبورت) الرياضية، أو البحث عن طرق أخرى لمشاهدة أحداث البطولة بواسطة الإنترنت، أو باشتراك أقل كلفة، أو بتقاسم قيمة الاشتراك بين عدد من الشباب.

طابع مميز ونكهة خاصة
الشعور بالانتماء للمنطقة العربية، وتعدد الروابط بين الشعبين في اليمن والدولة المستضيفة للمونديال، سيضفي على هذا الحدث الكروي العالمي طابعًا مميزًا، ونكهة خاصة.
الشاب ماجد الطيار (27 عامًا) من تعز يرى أن البطولة ليست خاصة بدولة قطر، وإنما تخص جميع البلدان العربية بما فيها اليمن، حيث يستعد مئات الآلاف من الشباب لمتابعة البطولة، التي يلفت إلى أنها ستكون مختلفة هذه المرة.
وبحسب الطيار، يأتي هذا الاختلاف من استضافة قطر لهذه البطولة، حيث حرمت البلدان العربية من استضافتها منذ 35 عامًا.
وعن استعداده ورفاقه الشباب لمتابعة مونديال كأس العالم، فمن منطلق التفاعل مع البطولة، ومناصرة أول بلد عربي مستضيف لها، والعمل على إنجاحها من خلال الكتابة عنها، والنشر في منصات التواصل الاجتماعي، ومواكبة كافة مجرياتها، وإبراز الجانب الجميل والممتع فيها.
يؤكد الطيار لـ”شباب هاوس” أن نجاح البطولة يمثل انتصارًا لكل العرب، كما يعكس صورة مشرقة للبلدان العربية في محبة للسلام وقدرتها على استضافة مثل هذه البطولات، وليست بؤرًا للإرهاب والصراعات كما يروج له الإعلام الغربي.
ويضيف: “نستقبل أنا وغيري من الشباب في تعز هذه البطولة كأيّ مواطن قطري وعربي، ونتطلع نحوها بفرح وحب، حيث يراودنا شعور بأنها بطولتنا جميعًا، على الرغم من عدم مشاركة المنتخب اليمني”.
ويرى أن المونديال يبدو مختلفًا هذه المرة من حيث الشكل والمضمون، ولذلك فإنه يعمل بكل وسعه على الاستعداد لمتابعة أحداثه والتفاعل معه وتشجيع الفرق المتنافسة، مؤكدًا أن نجاح البطولة سيعد مكسبًا لقطر واليمن وكل البلدان العربية.
كما يفسر هذا الناشط الشبابي شغف الشباب اليمني ببطولة كأس العالم 2022، والتي تأتي بالتزامن مع الحرب وتداعياتها الكارثية، من منظور تطلعاتهم نحو الخروج من الأجواء التي فرضتها الأوضاع للعام الثامن على التوالي.

تفاعل بحسب الإمكانيات المتاحة
يقول الطيار: “نستعد لمتابعة البطولة بحسب الإمكانيات المتاحة لي ولغيري من الشباب؛ إذ لا نشتري تذاكر، ولا نسافر لحضور البطولة، بل نتهيأ لمشاهدة أحداثها من خلال التفرغ من أعمالنا، والذهاب إلى الاستراحات مقابل دفع مبالغ متواضعة لأصحابها، ومن لم يستطع فعل ذلك فسيذهب إلى الأماكن التي نُصبت فيها شاشات كبيرة لمشاهدتها مجانًا، وهي الطريقة التي سيتابع بها غالبية الشباب اليمني أحداث المونديال”.
ويضيف: “شخصيًّا سأتابع البطولة في إحدى الاستراحات، وذلك أسوة بغيري من الشباب في مدينة تعز، والذين جرت العادة على أن يتجمعوا في أماكن متفرقة في المدينة، ويشجعوا فرقًا وأندية ومنتخبات مختلفة، ويقيموا، بالتفاعل مع المباريات، العديد من المظاهر التي تؤكد شغفهم الكبير في متابعة رياضة كرة القدم”.

تشجيع المنتخبات العربية أولاً
إياد محمد (28 عامًا) يقول إنه سيحرص على تشجيع المنتخبات العربية المشاركة في مونديال كأس العالم 2022، بما فيها منتخب كل من السعودية والمغرب والبلد المستضيف للبطولة.
يشير إياد، في حديثه لـ”شباب هاوس”، إلى أن الشباب عهدوا في سنوات ما قبل الحرب قيام وزارة الشباب والرياضة وفروعها في المحافظات بنصب شاشات عملاقة في المدن والملاعب والنوادي، لكنه لا يتوقع هذه المرة أن يقوم مكتب الشباب والرياضة في محافظة تعز بنصب شاشات عملاقة، مقللاً من مصداقية تصريحات هذا الأخير، والتي أعلن فيها عن اعتزامه تنفيذ تلك التجهيزات التي قام بها نظيره في عدن، حيث كشف قبيل أيام عن قيامه بنصب عدد من الشاشات العملاقة، ستمكن عشاق الرياضة من متابعة أحداث المونديال مجانًا.
الشباب في العاصمة المؤقتة عدن ليسوا بمنأى عن ذلك الشغف والحماس والترقب الحاصل في بقية محافظات البلاد؛ إذ يستعد الطالب الجامعي عصام خالد (22 عامًا) لمتابعة المونديال من خلال الذهاب إلى أحد الأماكن المفتوحة التي تم فيها نصب شاشات كبيرة للمشاهدة، وسيرافقه في ذلك عدد من شباب حيِّه وزملائه في الكلية.
وعن الاستعدادات التي قام بها، يقول خالد لـ”شباب هاوس” إنها تتمثل بتوفير مبلغ مالي من مصاريفه الجامعية وتخصيصها لدفع أجور المواصلات وشراء متطلبات أخرى سيحتاجها أثناء المشاهدة، بما في ذلك الماء وغيره من الاحتياجات.
أما الشاب عمر سعيد (25 عامًا)، والذي يقيم في الشيخ عثمان، ويعمل سائق وايت لنقل المياه فسيحتفي بالمونديال وفق طريقته الخاصة.
يقول سعيد لـ”شباب هاوس”: “أقوم منذ أيام بتجميع مبلغ مالي وتخصيصه لدفع تكاليف متابعة المونديال في إحدى اللوكندات، وتوفير مستلزمات مكوثي فيها طيلة الفترة التي ستقام فيها مباريات البطولة، حيث سأركن الوايت، وأوقف العمل، خصوصًا في أوقات المباريات”.
في السياق تقل وتيرة الاستعدادات لمتابعة كأس العالم 2022 بالنسبة للشابات في اليمن، ويصعب عليهن التواجد في الأماكن المفتوحة ومتابعة المباريات حتى أوقات متأخرة، إلا أن ذلك لا يعني عدم تفاعلهن مع الحدث ومتابعة المونديال في حدود المتاح لهن.
عن ذلك تتحدث الشابة هناء سعيد (25 عامًا) لـ”شباب هاوس”، بالقول إنها ستتابع المباريات غير المشفرة، كما ستتابع النشرات الرياضية التي ستغطي أحداث المونديال، إلى جانب متابعة نتائج المباريات من مواقع على الإنترنت ومجموعات الواتساب وغيرها من تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي.
وتحول الأوضاع المادية الصعبة في اليمن دون قيام الفتيات بالاستعدادات التي يقوم بها الشباب والتجمهر والاحتشاد في عدد من الأماكن أسوة بهم، وهو ما تلفت إليه الشابة ملاك نصر (27 عامًا)، في حديثها لمنصة (شباب هاوس)، حيث تقول: من الصعب على أسرتي تدبير قيمة الاشتراك في القنوات الناقلة لأحداث البطولة ودفع تكلفة الكهرباء الناجمة عن المشاهدة الطويلة للمباريات على الشاشة في داخل المنزل أو شراء منظومة طاقة شمسية كبيرة، كما يصعب عليها الخروج إلى الأماكن المعدة رسميًّا لمتابعة البطولة، أو التجمع مع رفيقاتها في أحد المنازل كحال بعض بالشباب.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى