دهليزرئيسي

إمكانية إحلال السلام في اليمن من وجهة نظر شبابية

شباب هاوس.. عمران مصباح

ليست الحروب مزحة حتى تتوقف بالأمنيات، إلا أن تجارب التاريخ تقول إن هناك لحظة أخيرة، يتوقف عندها الصراع مهما طال أمده، استنادًا لقاعدة ثابتة: “لا يوجد حرب للأبد، فكل معارك الوجود أفضت إلى سلام”.

وفي ظل الحرب التي لم تتوقف راحتها في اليمن منذ سبع سنوات يسعى الشباب لكتابة نهاية لتلك الحرب.

“شباب هاوس”، تناقش مع مجموعة شباب ناشطين مدى إمكانية حدوث السلام الآن، والعراقيل التي تعترض تحقيقه، وكيف هو تصورهم للسلام الذي يريدونه ويسعون إلى تحقيقه.

 

 

إمكانية تحقيق السلام

بعد إعلان هدنة “هشة” في اليمن تشارف على نهايتها، وبالتحديد تطوي صفحتها في الثاني من يونيو المقبل، وهي تقريبًا أطول فترة توقف منذ اشتعال الحرب، بدأ الحديث عن مدى إمكانية تحول تلك الهدنة إلى سلام دائم.

عن ذلك يتحدث الصحفي اليمني والناشط في المجال السياسي، محمد سعيد الشرعبي، لـ”شباب هاوس” قائلاً: “إذا صدقت نوايا أطراف الحرب ورعاتهم الإقليميين، وترجمت مواقفهم إلى تنازلات لأجل اليمن، ستنتهي الحرب، وسينطلق السلام وتعود البلاد إلى وضعها الطبيعي”، مشيرًا إلى أن الوضع بعد الهدنة لا يمكن وصفه بأنه قد تحسن، فقط حالة بين اللا حرب واللا سلم، مع تحسن طفيف في الملف الإنساني، حسب قوله.

فيما تدعو الباحثة في المركز اليمني للسياسات، شيماء بن عثمان، إلى أن يبقى الأمل دائمًا موجودًا، بل مهمًّا وضروريًّا لأجل تحقيق السلام.

وتقول لـ”شباب هاوس”:” بالنسبة لنا نحن المجتمع الشبابي، إذا لم يكن لدينا الأمل، لما حاولنا خلق المبادرات والخطوات التي تسعى للسلام، لكن دائمًا لم تكن المشكلة في شعورنا بالتفاؤل، لأن الأمر مرهونًا بالأشخاص الذين يتحكمون بالوضع ونواياهم، وليس نحن، وإلى حد الآن لم نلمس أي نوايا جيدة لسلام دائم”.

تيمور العزاني، عضو الهيئة العامة للتوافق الوطني الشبابي، بدوره يقول لـ”شباب هاوس” إنه في كل الأحوال يبقى السلام خيارًا ممكنًا.

ويرى تيمور أن الهدنة الحالية التي ما تزال صامدة رغم الخروقات، هي اختبار حقيقي لجدية الأطراف في رغبتهم لإنهاء معاناة اليمنيين، معبرًا عن أمله باستكمال خطوات بناء الثقة بين أطراف الصراع، الأمر الذي سيعزز فرص صنع السلام المنشود، حسب قوله.

روزا الحكيمي، وهي باحثة متخصصة في السياسة العامة، تقول لـ”شباب هاوس”: “أولاً الصراع القائم ليس بيد الشعب، بل بيد أطراف لا يمكنها تسليم كل ما لديها، لأنها ترى فيه مكسبًا لا يمكن التهاون فيه، والكل يبحث عن سيطرة دائمة، وهذا يجعل السلام بعيد المنال.

وترى الحكيمي أن الدولة الفيدرالية قد تحقق مساحة لجميع الأطراف في اليمن، بحيث يحصل الجميع على نصيبه، وبالتالي وقتها قد يحصل سلام.

 

عوائق إيقاف الصراع

منذ اليوم الأول لاشتعال الحرب في اليمن، كان هناك نسبة كبيرة جدًّا في المجتمع تريد نهاية لها، إلا أن ذلك لم يحدث.

عن سبب استمرار الحرب يقول تيمور العزاني: “السبب الرئيسي هو أن أطراف الصراع عملت وفق أجندات ضيقة لا تكترث لوضع البلد الهش، ولا لحالة المواطن، بل نظروا للحرب كمغنم يعزز مواقفهم ومواقعهم.

في السياق تقول روزا الحكيمي إن أيًّا من أطراف الصراع لم يستطع حسم المعركة، لذا أصبح كل طرف يرمي الاتهامات نحو الآخر ويحمّل الآخر مسؤوليتها، وأشارت إلى أن هناك تجار حروب لا يريدون نهاية لهذه الحرب التي لهم مصالح في استمرارها.

 شيماء بن عثمان، تؤكد رأي روزا الحكيمي، وتقول: “إذا انقطعت فوائد تجار الحروب، نستطيع وقتها – فعلاً – الوصول إلى سلام دائم، سواء أكان حلًّا سياسيًّا، أو حتى حسمًا عسكريًّا، أو في أيّ شكل كان، أي إذا انفصلت تلك المصالح عن اولئك الأشخاص، وقتها سيختلف الوضع.

بدوره يرى محمد الشرعبي أن هناك سببين رئيسيين في ديمومة الحرب: “السبب الأول: داخلي، ويتمثل بتجار الحروب، والمآسي في ضفتي الجحيم، والثاني: حسابات الرعاة الإقليميين في ملفات أخرى، ويستخدمون الحرب في اليمن لتصفية حساباتهم”.

 

التصور لصناعة السلام

دعوات كثيرة للسلام، وبطرق عديدة، لكن ثمة سؤالًا مهمًّا، وهو: كيف يمكن تحقيق ذلك السلام، وما السبل التي من خلالها يمكن تحقيقه.

تقول روزا الحكيمي: “دائمًا هناك خياران للسلام، إما الحوار، أو الحسم العسكري، لكن فكرة أن تنتهي الحرب بالحسم العسكري تبدو مستحيلة، لأنه لا يوجد حرب واقعية أساسًا، ولا مواجهات، هناك مجرد اشتباكات تصعد بين الحين والآخر، بالإضافة إلى أن الحل ليس في الميدان، بل بعوامل أخرى كثيرة، منها إقليمية، وفي كل الأحوال ستفضي الحرب إلى حوار يفرض المحاصصة بين أطراف الحرب، وهذا هو الأقرب”.

فيما يقول تيمور العزاني: “السلام لن يتم في ظل إقصاء الآخر، ومصادرة حقوقه، لكن يجب الاستمرار في الدعوة للسلام والحوار، والتعايش، والقبول بالآخر.. مؤكدًا أن هذا الخيار بحاجة لضغط مجتمعي ودولي لتحقيقه.

 محمد سعيد الشرعبي يرى أن “خيار الحسم العسكري فشل للطرفين، والطريق الآمن للخروج من هذا المستنقع لن يتم إلا باتفاق سياسي شامل ومتكامل، ينهي الحرب، وينزع السلاح، وتحتكر الدولة المنبثقة من الاتفاق القوة، والمال، والقرار”.

 

فيما تقول شيماء بن عثمان: “للتوصل إلى سلام هناك عوامل كثيرة تؤثر، سواء الحوار، أو العامل العسكري، لأنه حتى العامل العسكري يعتبر خيارًا ضمن الخيارات، والترديد بالخيار الوحيد للتصالح والحوار فيه – نوعًا ما – نظرة أفلاطونية، لكن الحل العسكري أيضًا خيار سيئ؛ لما فيه من ضحايا كبيرة، ويزيد الحدة والعصبية.

وبشكل عام، الشكل الذي يمكن أن ينهي الصراع، ليس بيدنا كشباب، بالإضافة إلى أنه لا يحتكم للأطراف الداخلية، بل للعوامل الإقليمية”.

 

دعاة السلام

أفراد ومؤسسات يدعون باستمرار للسلام، ويعملون عليه، لكنهم يتعرضون للنقد بداعي أنها مجرد أمنيات لا يمكن تحقيقها.

عن رأيها في تلك الجهود، تقول شيماء بن عثمان: “يعتمد ذلك على الأفراد أنفسهم، مثلاً يوجد أفراد ومؤسسات صغيرة، تقيم مبادرة هنا أو هناك، بينما هناك منظمات كبيرة لها نفوذ وصوت مسموع، ويكون لها تأثير نوعًا ما، لكن بشكل عام تأثيرها بسيط، ولا يصنع قرارًا، وللأسف معظم الجهود يتم استغلالها بشكل أو بآخر، وتصبح عبارة عن شعارات، مثل تمكين الشباب والمرأة”.. مضيفة أنها في الأخير تبقى جهودًا تستحق التقدير، وأنها مؤمنة بالاستمرار بهذه الجهود، وتنتمي لهذا المجتمع الساعي نحو العيش بسلام.

روزا الحكيمي، بدورها، تقول: “الكثير يدعون للسلام، وهم بعيدون عن التأثير، لكن من المهم جدًّا استمرارهم في ذلك الحشد والمناصرة، والتنديد، على الأقل حتى لا تُنسى القضية اليمنية، ومعاناة المواطن، وواجب كل الأفراد المدنيين أن ينشدوا السلام حتى يتحقق، أما اذا أصبح الجميع ينشدون الحرب، فالوضع سيتفاقم أكثر”.

محمد سعيد الشرعبي، يشكك في دعوات السلام التي يسمع المواطن جعجعتها ولا يرى طحينًا، ويقول: “شغل المنظمات والمؤسسات تلك ليس أكثر من برامج تجارية يتربح من خلالها القائمون عليها في الداخل والخارج، وهم عبارة عن منظومة استثمارية كبيرة”.

 يعترض الكثير على حصر أصوات السلام على أفراد بعينهم، قائلين إنها رغبة مجتمعية وليست فردية.. يؤكد ذلك، تيمور العزاني، قائلاً: “المجتمع بكل فئاته ينشد السلام برفقة هؤلاء الأفراد والمؤسسات المدنية، وتتعاظم الأصوات يومًا بعد يوم. الجميع يعاني من استمرار الحرب، وهؤلاء المناشدون من المجتمع المدني، فقط لأن صوتهم يصل أكثر للمجتمعين المحلي والدولي، ولصنّاع القرار، ورغم محاولة التغطية على هذه الأصوات وشيطنتها، إلا أنها مستمرة في الارتفاع، وهم بعيدون عن تغطية الصراع، لكنهم ليسوا بعيدين عن الصراع”.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى