دهليزرئيسي

ثورة 26 سبتمبر.. احتفاء شبابي بها وإدراك لأهميتها

 شباب هاوس /هشام سرحان
تظل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 ملهمة الأجيال، وحاملة الأمل، والوهج الذي يستمد منه الشباب اليمنيون الضوء، وتبقى ذكراها بمثابة علامة يهتدون بها إنْ ضلوا الطريق، ولعل ما حدث طيلة السنوات الماضية من تشظٍّ للحلم اليمني جعل الشباب يتمسكون أكثر بتلك الثورة باعتبارها، اليقين الوحيد المتبقي لديهم.
منصة “شباب هاوس”، وكدأبها في مثل هذه المناسبات الوطنية الكبرى، تشارك الشباب طقسهم السنوي المقدس، احتفاء بأم الثورات سبتمبر، وتضع هذه المادة بين يدي القراء.

سبتمبر أمّ الثورات وكل الدهر
يظهر الشباب اليمني تمسكًا كبيرًا بأهداف ومبادئ ثورة 26 سبتمبر، والتي يرى العديد منهم في أحاديثهم لـ”شباب هاوس” أنها ليست يومًا من الدهر، بل الدهر كله، ولذا ينبغي الاحتفاء بها بكل الوسائل والإمكانيات والطرق والمظاهر التي تخلدها وتحيي ذكرها وتذكّر بتاريخها ومحطاتها والثوار الذين أشعلوا فتيلها وتضحياتهم، كما تؤكد على عظمتها وقداستها ومدى خطورة المساس بها.

سبتمبر القصيدة والأيقونة والمصير
فخر العزب شاعر وإعلامي وشاب يمني يعبّر عن عشقه الأزلي لثورة 26 سبتمبر، ويحيي هذا العام ذكراها الـ60 بطرق مختلفة، بينها الشعر.
يقسم في قصيدة كتبها، مؤخرًا، حول الثورة اليمنية الأم بقداسة التاريخ البعيد وشواهده وغيره من الأمجاد، كما يحلف في ختامها بما كتب الشعراء على أنه وبلاده اليمن قبل هذا التاريخ لم يولدا.
لم يكن العزب الشاب اليمني الوحيد الذي أظهر مدى ولعه وهيامه بثورة 26 سبتمبر، والتي عدها في قصيدته فاتحة الميلاد وضوء الصبح ومهد الكون وبدء الخلق والمشهد، وهو توصيف يعكس الوهج الكبير والحضور الطاغي والمكانة الكبيرة لهذه الثورة في وجدان وذاكرة الشباب اليمني والذي يحيي ذكراها الـ60 بمظاهر مختلفة وشكل لافت، وذلك منذ مطلع الشهر الجاري وحتى مطلع الشهر القادم.
الناشط الشاب عادل علي (29 عامًا) يقول لمنصة “شباب هاوس”: “ثورة 26 سبتمبر هي الأمل والحرية وأيقونة الخلاص من العبودية والتخلف والجهل والمرض والحكم الاستبدادي والطائفية والمناطقية والعنصرية، وتشكل محطة تاريخية مهمة غيرت أقدار اليمنيين، وأسست لعهد جمهوري جديد يقوم على العدل والمساواة وغيرها من القيم الثورية التي تتجدد في أوساط الشباب.
الشاب محمد سيف (30 عامًا) يعيش في صنعاء، يرى في ثورة 26 سبتمبر حياة ومصيرًا، يقول إنه يدرك الكثير مما يدور حوله في هذه المدينة والتي تقود فيها مليشيا الحوثيين منذ العام 2014 مساعي متواصلة لوأد هذه الثورة وإطفاء جذوتها وإعادة الحكم الإمامي الذي أطاحت به، وهو ما يدفعه نحو التعبير عن تمسكه بها وإحياء ذكراها بطريقته الخاصة.
وينشر سيف على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي منذ مطلع الشهر الجاري مقاطع مصورة لأحياء وشوارع مدينة صنعاء ويمزجها بالأغاني الثورية والأناشيد الوطنية التي تغنى بها عدد من الفنانين اليمنيين في هذه المناسبة، ويقول لـ”شباب هاوس”: بهذا الأسلوب أحتفي بثورة 26 سبتمبر، وأعبّر عن مكانتها العظيمة في نفسي، كما أحيي ذكراها، وألفت الانتباه إلى المخاطر التي تتهددها، والمؤامرات التي تحاك ضدها، والطريقة التي يمكن بها الحفاظ على هذا المكسب الوطني.

احتفاء بثورة خالدة
منصات التواصل الاجتماعي واحدة من الوسائل التي تشهد، منذ مطلع الشهر الجاري، حراكًا ثوريًّا ومظاهر احتفالية شبابية متعددة، أبرزها قيام شباب يمنيين في الداخل والخارج بوضع صورهم الشخصية في إطارات تحوي شعار ثورة 26 سبتمبر وعمرها، وهي واحدة من المظاهر التي يحيي بها الشباب ذكرى الثورة السنوية الحالية.
الشاب محمد المياسي (24 عامًا)، والذي يقيم في مدينة تعز، يحتفي بثورة 26 سبتمبر بالكتابة في صفحاته الشخصية، فيسبوك وتويتر، عن تاريخها وأهدافها ومبادئها وثوارها والتغيير الذي أحدثته في حياة اليمنيين والواقع البائس الذي مروا به قبل مولدها، كما ينشر صورًا مرفقة بمعلومات عن أبرز قادتها إلى جانب مقاطع من أفلام وثائقية وأغانٍ متعلقة بالثورة ومحطاتها وأمجادها.
يقول المياسي لـ”شباب هاوس”: ثورة 26 سبتمبر خالدة في قلوبنا، ولذلك نحتفي بها ونذكّر بتضحيات أجدادنا والذين سقوا بدمائهم تربة هذا الوطن وقدموا أرواحهم رخيصة لتحريره من رجس الإمامة والحكم الكهنوتي، وإخراج أبنائه من ظلمات العبودية والاستبداد إلى نور الحرية والجمهورية، ومن الجوع والجهل والفقر والمرض، إلى الوعي والرقي والتقدم والحرية.
ويلفت المياسي إلى أن المظاهر الاحتفائية التي يقوم بها الشباب في اليمن تأتي للدفاع عن كرامتهم وحريتهم وجمهوريتهم وهي جزء من معركة الأحفاد، والتي يخوضها أحفاد ثورة 26 سبتمبر ضد أحفاد الإمامة والذين يسعون لاستعادة الحكم وحقهم الإلهي المزعوم في استعباد اليمنيين.
بالنسبة للشاب محمد التويجي، تبدو ثورة 26 سبتمبر الميلاد الحقيقي لليمن الجمهوري والنافذة التي يتسرب منها النور للشباب، ولذلك يحتفون بها في الشوارع والأحياء، ويرفعون العلم الجمهوري، ويقيمون الفعاليات الجماهيرية، ويوقدون شعلتها، ويستحضرون تفاصيلها ليحافظوا على البلاد ومصيرهم، ويؤكدون على تمسكهم بالحرية والحكم الجمهوري ومبادئ الثورة التي رسخت العدل والمواطنة المتساوية.
ويذكر التويجي لـ”شباب هاوس” أن ثورة 26 سبتمبر قضت على الحكم الإمامي وخرافاته وادعاءاته، وأعادت للشعب كرامته وإنسانيته وسيادته وحقوقه التي صادرها الأئمة طويلاً، وبالتالي تستحق من الشباب كل هذا الاحتفاء والتكريم والحراك الشبابي والزخم الثوري والذي يتمثل بإطلاق حملات إلكترونية تذكّر بأهداف هذه الثورة ونور الحرية والجمهورية التي أضاءت به حياتنا.
وينوه بأن المظاهر الاحتفالية التي ينفذها الشباب لا تقف عند هذا الحد، إذ ينظمون الندوات والفعاليات والعروض الشبابية والمهرجانات الكرنفالية في شوارع تعز وغيرها ليؤكدوا بأنهم سيظلون متمسكين بهذه الثورة وأهدافها، ولن يتنازلوا عنها مهما اشتدت المخاطر والتي بدأت بانقلاب الحوثيين والذين كُشفت نواياهم في القضاء على أهدافها والمبادئ والثفاقة والتاريخ التي جاءت بها.

استشعار عظمة الثورة
يتداعى الشباب في مختلف أنحاء اليمن نحو الاحتفاء بثورة 26 سبتمبر لإدراكهم المخاطر التي تواجهها، والتي من أبرزها مليشيا الحوثيين والتي تحاول أن تعيد تصدير الحكم الإمامي وممارساته العنصرية وأفكاره ومعتقداته الطائفية، وتعمل على فرز المجتمع إلى سادة وعبيد، وجر البلاد مجددًا إلى تلك العصور المظلمة، وهو ما يرفضه الشباب اليمني بمختلف توجهاتهم.
وبدأ استشعار الشباب اليمني لعظمة ثورة 26 سبتمبر منذ انقلاب جماعة الحوثيين على السلطة الشرعية واقتحامها لعدد من المحافظات وارتكابها للكثير من المجازر وعشرات آلاف الانتهاكات إلى جانب قطع الطرقات وفرض حصار خانق على عدد من المدن، بما فيها تعز، والتي تعرض شبابها للقتل والاختطافات والسجن والتعذيب والقنص وغيرها من الممارسات التي ارتكبتها الجماعة.
وحسب تقارير حقوقية، فقد تعرض قرابة 18 ألف يمني للتعذيب النفسي والجسدي في سجون جماعة الحوثي، والتي قتلت قرابة 15 صحفيًّا، وسجنت عددًا منهم، وحكمت على أربعة منهم بالإعدام، كما نهبت وسائل الإعلام وهجرتها وأحيت العديد من المناسبات الطائفية ومنعت إحياء الكثير من الأنشطة المجتمعية، وصادرت حرية الشباب، وتدخلت في مختلف تفاصيل الحياة، وقتلت كل المعارضين لها، وحظرت النشاط السياسي في مناطقها.

إدراك الشباب للمخاطر التي تواجه 26 سبتمبر
وبحسب الشباب، تكشّف ذلك الوجه الحقيقي للإمامة الجديدة والتي لا تختلف عن القديمة من حيث أفكارها ومعتقداتها وسياساتها وأساليب تنكيلها وطرق ترويعها وترهيبها لليمنيين.
هذا الأمر دفع بالشاب ماجد الطيار إلى الاطلاع على تاريخ ثورة 26 سبتمبر، والنقلة التي أحدثتها في حياة اليمنيين بعيد قرون من العزلة والتخلف والزج في السجون والتكبيل بالسلاسل وإعدام الخصوم.
ويلتف الشباب اليمني حول ثورة 26 سبتمبر بمختلف مناطقهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم ويرفضون نسيان هذه المحطة المفصلية في حياة اليمنيين.
يقول الطيار لـ”شباب هاوس”: من الممكن أن ننسى كل شيء ولا ننسى ثورة 26 سبتمبر، ويمكن أن نتفتت ونعاني ونقاسي ونموت، ولكن ليس بإمكاننا أن نتخلى عنها أو أن نسمح بوفاتها؛ فهي الروح والهواء بالنسبة لي ولغيري.

ثورة تنصهر عندها كل الخلافات
تنصهر الخلافات بين الشباب وتذوب كل الفوارق وتلتقي الرؤى عند هذه الثورة، والتي ولدت لتبقى في عقول الناس وقلوبهم، وخصوصًا الشباب الذين يتفاعلون مع هذه المناسبة بشكل لافت، ويستقبلون ذكراها السنوية الحالية بكل ترحاب وفرح، ويخوضون نقاشات مستفيضة ومعمقة، ويتدارسون واقع الفعل الثوري لثورة 26 سبتمبر، ويستحضرون كل ما يتعلق بها، وينشرونه على وسائل التواصل الاجتماعي، أو يشاركون في الفعاليات والاحتفالات الرسمية والشعبية.
يلفت الشاب فيصل العسال، الناشط في ساحة الحقوق والحريات بتعز، إلى أهمية المظاهر الاحتفالية التي يحيي بها الشباب اليمني ذكرى ثورة 26 سبتمبر في مواجهة أساليب جماعة الحوثيين، والتي أحيت النعرات الطائفية والسلالية، وزيفت الحقائق، وشوهت تاريخ هذه الثورة وأبطالها، وغيرت المناهج المدرسية، واستبدلت فيها الثوار وتضحياتهم وأمجادهم وتاريخ الثورة بقياداتها ورموزها القدامى.
ويضيف العسالي لـ”شباب هاوس”: تدل تلك المظاهر على صدق حب الشباب اليمني لثورة 26 سبتمبر، وتظهر مدى اعتزازهم بها، كما تحمل في مضمونها جملة من الرسائل، والتي من بينها أن هذه الثورة هي أم الثورات اليمنية، والتي كان لها الفضل في استرداد آدميتهم وكسر عزلتهم وإنقاذهم من بطش الأئمة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى