شُرْفة

أغنية وشجرة وعام جديد

كتب/ ضياف البراق

عام جديد يطرق أبواب حياتنا، فلنفتح له برغبة ورضا، ونعانقه على نحو لائق، فلا تضجروا منه، إنه طيّب.
جئتُ منذ قليل إلى هنا كي أقضي وقتًا سعيدًا، ولأنني لا أرغب اليومَ بأي شيء سوى الشعور بهدوء البال وسلام النفس، وهذا ليس مستحيلًا، بل إنني أستطيع تحقيقه لنفسي بمنتهى السهولة.
أمل الحرب أن يسيطر اليأس على نفوسكم، فلا تيأسوا كي تنتهي هذه الحرب القذرة.

أحيانًا، لا تكون الحياة سيئة، وقد صدقَ الوغد الجميل بوكوفسكي، وها أنا ذا أتنفّس الهواء النقي، أتأمّل، وأحتسي قهوتي بتلذُّذ، أعانق نفْسي على مهل، وربما لا أحد منكم يعرف هذا المكان حيث أنا الآن.
شجرة خضراء رغم جفاف البلاد، وارِفٌ ظِلُّها ولكن ما يحزنني هو أنني لا أعرف اسمها ولا من أي فصيلة تكون، لا بأس، المهمّ أن نعرف المعاني لا الأسماء، أن نجعل لوجودنا معنى، لا مجرد اسم، تزول الأسماء، أو تُنسى بمرور الزمن، وأمّا المعاني الجميلة فتبقى وتزدهر إلى الأبد، هذه هي الحقيقة.
لا بد أن أعيش حياتي بعطاء وانسجام مثل هذه الشجرة الطيّبة.
الهواء بارد جدًّا، وهذا هو الحال في شهر ديسمبر، دائمًا، وبعد يومين وساعات قليلة سننتقل إلى عام جديد، وينبغي أن نعيشه بطريقة مختلفة، وأن ننجز فيه أعمالًا مفيدة ولو بسيطة، فالسعادة هي الإنجاز، والأهمّ من ذلك، أن نجعله عامًا مليئًا بالمحبة والإبداع والتسامح والتفاؤل..
وحدي، هنا، ولا أحد معي سوى الحب وأغنية إيجابية لذيذة، حينما أكون مع المحبة، أو فيها، أحس بالبهجة تشتعل بداخلي، ويندفق ماء الحياة إلى أعماقي الظامئة.
المحبة تجربة داخلية نبيلة للغاية، إنها إحساس فريد من نوعه يتوجّب أن نعيشه باستمرار؛ كي نحيا بسعادة نفسية بعيدًا عن العنف والصراعات الكريهة، فهذا العالم تعيس لأن نسبة الحب فيه قليلة جدًّا، وتقل هذه النسبة يومًا بعد آخر.
تحت شجرة عزيزة على قلبي، أفكر بهذا الأمر البسيط: كيف نجعل أيامنا سعيدة، أو أقل تعاسة؟ وهل نحن نستطيع ذلك؟ وجوابي هو: نعم نستطيع أن نكون سعداء، سيّما إذا جعلنا نوايانا سليمة، وسعينا إلى السعادة بنقاء وفهم وشغف، وأجمل وأقصر تعريف للسعادة، بالنسبة لي، هو أن تكون إنسانًا، فكونوا إنسانيين، وكفى.
قمة المحبة والإنسانية هي أن نخدم بعضنا بعضًا، وألّا نعيش بأنانية وجشع وتكبُّر، أن تكون خادمًا للناس، أو كريمًا نحو الآخرين، بأخلاقك وصفاتك، فأنت إذَنْ عظيم، والأكثر سعادة بيننا، هو ذلك الإنسان الذي يعطي كثيرًا، ويأخذ القليل، ويتمسّك بجوهر الحياة لا بقشورها، ويحيا بشهامة وبساطة وبلا فظاظة وتصنُّع…
أنا بخير بفضل هذه الشجرة، وسعيد بهذه الفُسحة النقية الهادئة، فسحة الأمل الجديد، وها هو يأسي يتلاشى، وآلامي توشك أن تغادر، كم هي الحياة حلوة، أَشْعِلوا الشموع، واحتفلوا بالعام الجديد، اخلقوا سعادتكم من المحبة أو من أبسط الأشياء، انسوا الألم وتخلّصوا من الهموم السامّة، وعيشوا بفرح، حَوِّلوا يأسكم أملًا، في هذا العالَم ثمة طريق رائع للنجاة لا يضيق بأحد، ثمة نور عظيم فابحثوا عنه، ولكن تعالوا الآن نسمع أغنية الكينج محمد منير (اِفرحْ بالحياة) وهيّا بنا نرقص على إيقاعها وكلماتها وسيكون الشعور أحلى لو نبتسم للدنيا من قلوبنا.
هذا يكفي، كل عام وأنتم جميعًا بخير، ليكن ٢٠٢٣ أجمل أعوامكم.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى