دهليزرئيسي

العمل التطوعي في رمضان.. قيمة مجتمعية تواجه الانتقاد

شباب هاوس.. عمران مصباح

في مجتمع إسلامي كاليمن، يتسم شهر رمضان منذ القدم بالعمل الخيري، وهذا يشكل دافعًا إضافيًا للشباب كي يبادروا بالمساهمات العملية التي من شأنها منفعة المجتمع، والتخفيف عنهم. وفي الغالب يكون ذلك عبر تشكيل مبادرات تطوعية، يصبح الشباب عبرها وسطاء، للأخذ من جهات لها المقدرة على العطاء، ومنحها لفئات تطغي على ظروفهم الصعوبة. وبالرغم أن هذا النشاط يوصف بالنبل، إلا أنه، وفي الفترة الأخيرة وجهت انتقادات كثيرة للعمل التطوعي، باعتباره مجالًا يتيح للبعض الاحتيال على الآخرين، ليتم من خلاله أخذ أموال لا تصل للمستحقين.

“شباب هاوس”، في هذه المادة، وبعيدًا عن الأشخاص الذين أساءوا لهذا النشاط الجيد، تتيح الفرصة لأبرز الشباب الذين سبق، وأن عملوا في المجال التطوعي، وذلك للتعبير عن معنى العمل التطوعي الحقيقي، وأهميته، حتى وإن بقي قاصرًا، ولا يشمل إلا فئات محدودة من المحتاجين، ولا يعالج أي مشاكل كالفقر، وغيره.

العمل التطوعي

بكل تأكيد، هذا النشاط الذي يقوم به أكثر الشباب إيجابية في المجتمع، يأتي بدافع مساعدة الأخرين، وفي هذا الشأن، يتحدث أسامة الشهاري، سبق، وكان من أبرز الشباب المتطوعين، قائلاً: “التطوع يعتبر قطاع تنموي ذاتي يتحمله كل شخص عنده إحساس بالمسؤولية اتجاه مجتمعه”.

عن أهمية العمل التطوعي تتحدث فاطمة السوسوة عن تجربتها الطويلة في التطوع، قائلة: “العمل التطوعي ضروري لكل شخص يريد النجاح، لأن العطاء الذي يقدمه للمجتمع، يعود عليه بالارتفاع. وشخصيًا؛ بالرغم من مروري بتجارب كثيرة، إلا أن أكثر تجربة تعلمت منها كانت التطوع، لأنه علمني العطاء دون مقابل، وإظهار شخصيتي الحقيقية، والمضي في وجهتي”.

يعتبر العمل التطوعي مفيد للمجتمع، إلا أنه في نفس الوقت، يعود على الشخص الذي يقوم به بالفائدة، في هذا الخصوص تتحدث هديل عصام، وهي من الذين عملوا في المجال التطوعي، قائلة: “في البداية تختلف الآراء في العمل التطوعي، وكل شخص له هدف من التطوع. ومن وجهة نظري أن التطوع مفيد للطرفين، للمجتمع، وكذلك للمتطوع، حيث يقوم بصقل شخصية المتطوع، وترويضها على تحمل المسؤولية حيال الأفراد، أو المهام الموكلة إليه، وكذلك يسمح للأشخاص الاجتماعيين التعرف على أشخاص جدد”.

فكرة المتطوعين

لكل متطوع فكرته الخاصة عن العمل التطوعي، وفائدته.. محمد النوار، الشاب الذي نشط كثيرًا في المجال التطوعي، يتحدث عن فكرته، قائلاً: هو أي عمل تطوعي يقوم به الفرد، أو المجتمع، في أي شكل، وأي مكان يتطلب القيام به، حتى على مستوى مساعدة الآخرين بشيء بسيط كان مسببًا لهم مشكلة ما، أو قد يتسبب مستقبلاً، وشخصيًا أرى في التطوع البذرة التي تزرعها، وتجني ثمارها بعد أجل طويل”.

بينما أسامة الشهاري، يعطي تعريفه للعمل التطوعي، قائلاً إن العمل التطوعي يعتبر مبادرات ذاتية تطرأ لمواجهة مشاكل يمكن حلها بشكل فردي أو جماعي..

فكرة التطوع، لا تقتصر على البلدان ذات الوضع الصعب كاليمن.. عن ذلك تقول هديل عصام: “فكرة التطوع ليس شرطًا أن تكون عملاً خيريًا.

في بعض البلدان المتقدمة يعتبر إلزاميًا للأفراد بعد الثانوية العامة، لذا في البلدان العربية هناك قصور في مفهوم فكرة التطوع، وقد يكون هذا القصور من قبل المتطوع نفسه بسبب جهلة حول هذا الشيء.. لذا من الأهمية وعي المتطوع بالحقوق والواجبات كي لا يتم استغلاله، وهدر طاقته، ووقته”.

حلول المبادرات

هذه الروح المبادرة من قِبل الشباب لمساعدة الآخرين شيء إيجابي بكل تأكيد، إلا أن البعض يعترض على فكرة التطوع، قائلاً إنها لا تعالج أي مشكلة من مشاكل المجتمع، كالفقر وغيره، في هذا الشأن يقول أسامة الشهاري إن التطوع لم يكن يوما بديلاً للدولة كي يعالج مشكلة الفقر، ولم يقم على هذا الأساس، مضيفًا: “فكرة التطوع ممكنة في كل جوانب الحياة، وليس للفقراء فحسب، فقد تكون مع أغنى الأغنياء، وكذلك أفقر الفقراء.. الأهم أن تعالج مشكلة ممكن حلها، إلا أن طبيعة الوضع الحالي أطّرت فكرة التطوع في دائرة مساعدة الفقراء، وهذا جانب جميل حتى لو اقتصرت المساعدة على أقل نسبة تذكر”.

بالرغم من حقيقة أن التطوع لا يقدم حلولًا كبيرة، إلا أن هناك من يقول بأنه شمعة مهمة في هذا الظلام، هديل عصام تؤكد ذلك قائلة إن التطوع أفضل من لا شيء، وفي نفس الوقت تضيف: “هناك مشكلة في عدم التخطيط لعمليات المساعدات، لأن هناك أماكن تتلقى مساعدات، وأخرى منسية، ويعود السبب لعدم وجود جهة مختصة بالتخطيط والتنسيق، لترتيب عمل المبادرات وتوزيع المجهود الشبابي، والدعم حسب تقسيم معين، لتصل المساعدات لأغلب الأماكن”.

هناك مشاكل أكبر من أن يحلها التطوع، إلا أن ما يميز التطوع، هو تقديمه حلولًا متنوعة، وليس شيئًا ماديًا فحسب.. عن ذلك تقول فاطمة السوسوة: “منطقيًا لا يمكن للتطوع تغطية الاحتياج في المجتمع، لأن رفع المستوى المعيشي للأشخاص هدف أكبر من التطوع، ويحتاج إلى تغير كبير في المجتمع ذاته.. أيضًا هناك أهداف تطوعية سامية كالتوعية، ورفع مستوى الوعي، فلا يمكن قياس فائدة التطوع عبر إيجاده لحلول مشاكل عالمية”.

بينما محمد النوار يعتبر أن أهمية التطوع ليس في تقديم حلول كبيرة، بل في قيام نشاط ما على أرض الواقع، ولو ضئيل، إلا أنه يحافظ على أرواح المجتمع، بدلاً من طغيان الأنانية، حسب رأيه.

إنتقادات للمتطوعين

مع انتشار السوشال ميديا، استغل البعض هذه المنصات لجمع التبرعات بهدف توزيعها، إلا أن هناك انتقادات من المتابعين، وجهت لهؤلاء المتطوعين، تقول إنهم يقومون بالاحتيال، وأن هدفهم الشهرة، وليس العمل الخيري.. في ذلك تتفق هديل عصام، قائلة إن من يعملون منذ القدم في مجال التطوع، لديهم القدرة على التفريق، مضيفة: “مؤخرًا دخل البعض مجال التطوع للتفاخر فقط، حتى لو لم يفعل شيئًا.. وآخرون يتخذون من هذه التبرعات وسيلة للنصب والعيش، لذا سبق وقدمت فكرة قبل خمسة أعوام لمكتب الشؤون بخصوص تسجيل المبادرات بشكل رسمي عندهم، وقوننة عمله لأجل أن تكون العملية واضحة وصحيحة، لكنهم رفضوا، وحتى لو وافقوا سنلاقي صعوبة كوننا في دولة اللا دولة، واللا نظام”.

عن إمكانية استغلال هؤلاء الفئة للآخرين، وبالتالي الإساءة للمتطوعين النزيهين، تتحدث فاطمة السوسوة، قائلة: “صحيح أن عالم السوشال ميديا أصبح مليئًا بالأشخاص الذين يبحثون عن لفت الأنظار، أو كسب مصالحهم الشخصية، لكن بالمقابل، المتلقي أصبح أذكى بما يخص الثقة الإلكترونية، وإن حصل استغلال، غالبًا ما يكون الشخص المتلقي هو المتسبب في ذلك لنفسه، لأنه لم يسعَ لمعرفة الحقيقة، وفي الأخير المتطوعون لا ذنب لهم في هذه الأقلية الذين يمكن محاسبتهم إذا ثبت ذلك”.

بينما محمد النوار، يتحدث في الموضوع ذاته، وعن السبب الذي أساء لسمعة العمل التطوعي، قائلاً: “التبرعات كانت لفترة من الفترات وسيلة لجمع الأموال لمصلحة شخصية أو حزبية، وهذا ضر التطوع كثيرًا، وجعل الثقة تنعدم بسببهم، لكن، الأن نادرًا ما تلاقي حد يدعم إلا إذا كان واثقًا تمامًا”، ويختتم النوار حديثه بأهمية الشفافية عند الجميع، لأجل ألا يحصل أيّ إشكال فيما بعد.

كما يقول البعض، إن هذه قد تبقى اتهامات فقط، إذا لم يوجد دلائل.. أسامة الشهاري، له رأي في ذلك، حيث يقول: “التطوع كمبادرات فردية وجماعية ينطلق من مبدأ جميل، ويقوم على نوع العلاقات بين الناس، والثقة المتبادلة بينهم.. ولا نستطيع الحكم على نوايا الأشخاص، لكن نحكم على طريقة العمل هل هو صحيح، أم خطأ”.

نصائحهم للمتطوعين

هناك شباب كثر، ما زالوا في بداية مسيرتهم، ويذهبون نحو التطوع بشغف كبير، ما الذي ينصحهم به أصحاب التجارب في هذا المجال.. عن ذلك تتحدث فاطمة السوسوة، قائلة: “يجب عدم التخبط مع أي أحد دون السؤال المسبق عن طبيعة العمل معهم، حتى تتعلم، وتكون مسؤولًا عن شيء بشكل مخصص، وابدأ بالتطوع في مجالك العملي، كفرصة مجانية لتجربة ما تريد”.

وعن أهمية تعزيز ثقافة التطوع، يتحدث أسامة الشهاري، قائلاً: “أتمنى تعزيز ثقافة التطوع بكل أشكاله الاجتماعية، والأدبية، والفنية، وأنصح الشباب على دراسة التطوع، والتركيز على عمل منهجيات توضح مدى نقاء الفكرة، وكيف ستساعد في النهضة التي نحلم بها”.

كما يحث محمد النوار الشباب بالاتجاه للأعمال التطوعية سواء بمردود، أو بدون، لما قد تفيدهم في المستقبل، وتمدهم بالخبرة، والعلاقات، وحتى فرص عمل، ووظائف.

بينما هديل عصام، تحذر الشباب وتوجههم، بوجوب معرفة ما لهم وما عليهم، وعدم الخوض في التطوع إذا هو سيكون على حساب دراستهم، والأشياء المهمة في حياتهم.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى