شباب هاوس..
عانت المرأة اليمنية من ويلات الإمامة وجورها، تمامًا مثلما عانى الرجل، إن لم يكن أكثر؛ باعتبار ما للمرأة من مكانة ودور مهمين في المجتمع.
في الثلاثينيات من القرن المنصرم برزت أسماء ثائرات في اليمن كنّ يتصدين لحملات عساكر الإمامة، من أمثال “فندة الدرويشية” كما يروي البردّوني، وإن كانت محاولاتهن تنتهي بالاستسلام.
في قصيدته “العجوز وعسكري الإمام”، يصور الشاعر محمد محمود الزبيري معاناة المرأة اليمنية في عهد الحكم الإمامي، من خلال حوار مفترض بين امرأة مسنّة وعسكري الإمام.
تقول المرأة:
رباهُ كيف خلقت الجند ليس لهم
عندي طعامٌ ولا شاءٌ ولا نعمُ
فيجيب العسكري:
إنّا جنود أمير المؤمنين فلِمَ
لا تذبحي الشاة يا حمقاء دونهمُ
أين الدجاجة؟ أين القات؟ فابتدري
إنّا جياعُ وما في حيّكم كرمُ
وعندما لا يجد ما ينتهبه، يقول عسكري الإمام في ختام القصيدة:
إني إذن راجعٌ للكوخ أهدمه
تجوش القصيدة بصنوف الظلم والنهب الذي كان يقوم به عساكر الإمامة ضد المواطنين في شتى مناطق اليمن.
في فترة الأربعينيات، تمثَّل دور المرأة في نقل الرسائل بين المناضلين داخل صنعاء، وبين صنعاء وخارجها. ومع إدراكهن لِما ينطوي عليه هذا الدور من خطورة، إلا أنهن امتلكن حسًّا ثوريًّا ونضاليًّا يسعى للتحرر من الكهنوت، ويحلم بمستقبل أفضل.
كان التعليم محظورًا على المرأة اليمنية بشكل مطلق، إلا من تتعلم منهن القراءة والكتابة في نطاق أسرتها أو في نطاق ضيق، ناهيك عن تعيينها في أي عمل وظيفي. فالنظرة التي كانت سائدة عن المرأة في ذلك العهد البائد أنها غير مؤهلة لتحصيل العلم، وإنما للقيام بأعمال المنزل وزراعة الأرض.
وظلت المرأة تكابد تلك النظرة فترة طويلة من الزمن، إلى أن بدأت المتغيرات في العالم تفرض نفسها على استحياء في اليمن، وخصوصًا الجزء الشمالي منه.
في عام 1957 افتُتح في كل من صنعاء وعدن، ولأول مرة، مدرستان للتمريض. وشكل هذا أول خروج للمرأة اليمنية، في الشمال على وجه الخصوص، إلى الحياة العامة.
بعدها بأربع سنوات، أي في العام 61، قامت الممرضات بأول إضراب عن العمل في تاريخ البلاد؛ احتجاجًا على عدم صرف رواتبهن، لتقوم الثورة في العام التالي وتشترك فيها المرأة إلى جانب الرجل في المظاهرات وجبهات القتال.
في حصار صنعاء، يقول الفريق حسن العمري إنه أصيب بالذهول حين علم أن عاملات مصنع الغزل والنسيج الذي تأسس
قبل الثورة بعام واحد، وسمح للمرأة بالعمل فيه لأول مرة في 1966، أي بعد الثورة بأربعة أعوام، كن قد بدأن بالتدرب على السلاح.
يذكر العمري، أيضًا، برقية للمناضلة كرامة اللقية، قالت فيها: “نطالبكم بتسليحنا للدفاع عن وطننا أسوة بالرجال، فنحن نملك حق شرف الدفاع عن الوطن”.
إن قصة المرأة اليمنية هي تاريخ طويل من الكفاح والنضال، ولا يقل دورها عن الرجل في كل مراحل الثورة ومسيرتها التحررية التي تُوِّجت بيوم السادس والعشرين من سبتمبر.