بروازرئيسي

ماجد النقيب.. وكرسي الشغف المتحرك

شباب هاوس..

من مركز المعاقين في مدينة تعز إلى جامعة القاهرة في مصر.. رحلة كفاح خاضها الشاب ماجد النقيب (24 عامًا) ليخلق من شغفه قدمين، ويحمل بيده عزيمة سطّر من خلالها درسًا للكثير بأن النجاح مقرون دائمًا بالجهد والإرادة.
على كرسي متحرك يحمل ماجد جسده وأحلامه معًا، رغم التحديات والصعوبات التي استطاع تجاوزها في محطات كفاحه.
النقيب تجاوز المخاطر والعراقيل التي واجهته خلال مراحل دراسته في الصفوف الابتدائية، وخصوصًا عند انتقاله من مدرسة خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة إلى إحدى مدارس “النبراس” الحكومية في مدينته. يقول النقيب لـ”شباب هاوس”: “أتذكر أنني عندما انتقلت إلى مدرسة النبراس كان الجميع ينظرون إليّ باستغراب، الأمر الذي ترك في نفسي شعورًا بالقسوة، لكنني بعد ذلك أثبتُّ تفوقي العلمي، وأصبح الوضع طبيعيًّا ليتغير تعاملهم معي كأنني واحد منهم”.. مشيرًا إلى أن الجميع تعاون معه، حتى إدارة المدرسة بعد إثبات نجاحه.

لم تترك الحرب طريقًا آمنًا للأحلام، إلا وحطمته بظروفها، وقد يكون للنقيب نصيب من معاناة هذه الحرب التي اندلعت، وهو ما يزال أمامه عام واحد للتخرج من الثانوية العامة، ما جعله يحمل معاناة إضافية إلى جانب إعاقته.
النقيب كان يعيش في منطقة الحوبان شرق مدينة تعز، فيما كانت مدرسته في منطقة المسبح وسط مدينة تعز، ما جعله مضطرًّا للانتقال إلى مدرسة أخرى بعيدة عن أصوات القذائف والشظايا المتطايرة بفعل المعارك وسط المدينة بين القوات الحكومية اليمنية المعترف بها دوليًّا وبين قوات أنصار الله “الحوثيين”.

كان النقيب يقطع كل يوم مسافات طويلة من بيته إلى المدرسة الجديدة التي انتقل إليها للدراسة، وحتى تخرج منها في العام 2015 _ 2016، وبمعدل 91%.
تخرج ماجد أخيرًا من الثانوية، وبمعدل 91%، لكنه لم يشعر بأنه حقق النجاح الذي يريده، فخلق من روحه شغفًا جديدًا لتأهيل نفسه، دفعه لدراسة الكثير من الدورات التدريبية في عدة مجالات كانت أبرزها إدارة الأعمال.
ومع استمرار الحرب استطاع الشاب المكافح الحصول على منحة دراسية إلى القاهرة، ليسافر بعزيمة الأبطال، ويندمج بمجتمع أكثر قابلية وتعاونًا معه.
يقول ماجد لـ”شباب هاوس”: “التحقت بكلية التجارة في جامعة القاهرة، وكانت المرحلة صعبة جدًّا بالنسبة لي، لكن عزيمتي كانت أكبر من هذه الصعوبة، واستطعت اجتياز نصف المرحلة الدراسية، فأنا الآن في السنة الثانية”.
ويضيف: وجدت في جامعة القاهرة تسهيلات كثيرة للطالب ذي الاحتياجات الخاصة، مثل وجود أماكن خاصة للمشي، وأيضًا قاعة المحاضرات تتميز بمدرج خاص للكراسي المتحركة.
وبشعور حزين يقول ماجد: “بسبب تفشي وباء كورونا توقفت عن الدراسة وعدت لليمن”.
لم ينتهِ شغف ماجد بالتعليم، فعند عودته إلى اليمن، وفي الوقت الذي لم يستطع العودة إلى القاهرة، ظل يطور نفسه من خلال دورات مختلفة في برمجة الحاسوب في تعز.

يتطلع ماجد للعودة إلى القاهرة ليكمل ما تبقى من تعليمه الجامعي في حال تحسنت الأوضاع، كما يطمح للحصول على منحة من وزارة التعليم العالي، والتي تقدمها لذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدًا أن ذلك سيساعده على استكمال دراسته دون مواجهة المصاعب.
وعن طموحه المستقبلي، يقول ماجد: “أطمح أن أكون مبرمجًا، وأستطيع تأسيس مشروعي الخاص، والمتمثل بإنشاء منظمة تختص بتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، وأخص بذلك جميع الأسر التي لا ترغب بتعليم أطفالها نظرًا لإعاقتهم”.
من خلال حديث النقيب لـ”شباب هاوس”، يتضح أن التغلب على الإعاقة الحركية أيسر من الإعاقة الذهنية، فهذا الشاب الذي يخوض مسيرة حياة كفاحية نادرة، وعد بأن يمضي في تطوير مهاراته أكثر فأكثر حتى يحقق حلمه.
يخاطب ماجد الشباب بالقول: “أنصح الجميع بعدم الاستسلام لظروف الواقع وتعقيداته، اِستمروا في الكفاح من أجل مستقبلكم، حاولوا من جديد إن تعثرتم، والأهم من كل شيء ثقوا بأنفسكم لكي تحققوا ما تريدون”.

ولا ينسى الشاب ماجد في حديثه لـ”شباب هاوس” أن يشكر كل من وقف إلى جانبه، وعلى الخصوص أسرته، قائلاً: “لقد كانوا الداعم الكبير لي في تشجيعي، وإكمال مسيرتي التعليمية”.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى