كتب/ عاصم الشميري – رئيس التحرير
توقعت الكثير من الصدمات سواء أكانت من فنانين أو سياسيين أو كتّاب أو غيرهم، لكن وبكل صدق أقول لكم إن أكبر صدمة واجهتها في شخصية فنية كانت من رشاد السامعي، ذلك الفنان الذي اعتبرناه أيقونة الكاريكاتير، وعرفناه بالدفاع عن حقوق مدينته ووطنه من خلال فنه، وتابعنا من خلال رسوماته أبهى صور الإنسانية..
خرج لنا دون قلمه أو ريشته هذه المرة، خرج شاهرًا سيفه بجانب سيف العديني الممتلئ بالدم والحقد، ليقول في تغريدة له: امضِ يا عديني ونحن معك.
تصريح واضح لأتباع أحد المحرضين الذين استخدموا الدين في التحريض على الناس والتكفير وإباحة دمائهم.
لم نتوقع طوال معرفتنا برشاد أن يصطف مع العديني في أي رأي أو قضية. كان ذلك الفنان الممتلئ بالوطن والإنسانية، وكنا متابعيه المعجبين والمحبين له أيضًا.
في العادة يحمّل الجمهور فنانهم المفضل حملًا كبيرًا يجعله يتابع تصرفاته ومبادئه باهتمام أكبر. نحمّلهم أن يكونوا أيقونة لكل ما نعتبره مبدأ لنا، وإن خالفونا نشعر بغير الرضا تجاههم. وهذه من الأمور غير الصائبة.. لكن بالنسبة لمثل رشاد فنان كاريكاتوري اختلط بالصحافة والإعلام، وعمل مع المنظمات للمطالبة بحقوق المرأة وللدفاع عن حقوق المواطنين بشكل عام، أعتقد أن مسيرته في هذا العمل وبين هذه الجهات المختلفة خلقت له وعيًا مثاليًّا علينا اتباعه جميعًا.
لكن الآن أنا على يقين أن علينا أن نعاتبه ونوبخه أيضًا لماذا اختار الانضمام إلى صف العديني، الشخصية التي يمقتها الكثير، ويتبعها أصحاب عدم الوعي الديني وقليلو ثقافة الحياة، متشددين وشبه إرهابيين، لكنهم يمارسون إرهابهم بطرق مدنية يحرضون ويبيحون الدماء.
لماذا يا رشاد تركت الريشة التي لم تكن تحاكي إلا السلام، وأمسكت بسيف يدافع عن العديني ويدعوه للاستمرار في فتاواه المضرة والإرهابية؟
تركت المجتمع الذي كان يشعر بالانتماء إلى فنك، ولم تكن تشعر بالانتماء له!
لا أتوقع أنك نسيت فتاواه التي ظلمت الكثير، وجعلتنا نشعر بحرقة منه وكراهية له. وها أنا أتساءل: هل كنت توافقه بالسر؟ هل كانت تربطك بفكره ومبادئه علاقة عرفية؟
ليس لأجل المال كنت تخفي هذا، وليس لأجل الرزق، ولا لأجل شيء. إنها كانت مبادئك وفكرك الذي كنت تخجل منه وتستحي أن تبوح به لجمهورك الذي تقبّلك وأحبك مثل ما أنت، وساندك في الكثير من الأمور. لأنك تعرف أنه سيشعر بالسوء مما أنت عليه.
يحز في نفسي أن هذا رشاد!
وأتمنى الآن لو يأتي “عقلان”، الشخصية التي استخدمها رشاد في أغلب رسوماته وأحبها الناس، ليضربه بشبشبه الممزق على رأسه، ويقول له: استحِ يا رشاد!