فاطمة العنسي / شباب هاوس
لا يبدو أن الألعاب القتالية ستكون حكرًا على الرجال دون النساء في اليمن، لا سيما خلال السنوات القليلة المقبلة، فالشابة اليمنية سهام عامر، كسرت النمط التقليدي، وعملت على إيجاد مكان لها ولأخريات يمكن أن يسِرنَ في الدرب نفسه.
خلال سنوات قليلة، وبالتحديد في العام 2015، بدأت عامر بالتدريب في الأكاديمية الدولية للفنون القتالية في صنعاء، وهي أول أكاديمية في اليمن من نوعها تدرب في هذا المجال.
واستطاعت خلال فترة وجيزة أن تسابق الزمن وتحصد ميداليات ذهبية وبرونزية وفضية، وأن ترفع علم اليمن بالفوز والنجاح بطريقة مغايرة لما يعيشه البلد منذ ذلك الحين من صراع دامٍ ما زال مستمرًّا حتى اللحظة.
تتذكر سهام طفولتها، التي وصفتها بـ” المشاغبة”، بشيء من الضحك، عندما قامت بضرب عشرة أولاد مرة واحدة، حينها أدرك والدها أنه يتوجب عليه إيجاد بيئة لتفريغ طاقتها الجامحة، وكان ما أشار عليه صديقه بإلحاقها بنادٍ رياضي – جانب قتالي، الأمر الذي انعكس إيجابًا على حياتها ونفسيتها، وفي هذا الصدد تقول سهام لمنصة شباب هاوس: “الرياضة ليست فقط للقتال أو اللعب، الرياضة تعزز السلام الداخلي للمرء وتعدِّل مزاجه، ناهيك عن أنها تمنحنا الصحة التي نريدها، أيضًا الكيك بوكسينج تستخدم في خفض الوزن وشد الجسم، بالإضافة إلى كسب مهارات شخصية”.
تدربت البطلة سهام على يد لاعب القوى ماستر خالد الغيلاني في الأكاديمية الدولية، وهو رئيس الأكاديمية، محرزة الميدالية الذهبية في أول بطولة تشارك فيها خارجيًّا، وهي بطولة الأندية العربية التي أقيمت في عمان من عام 2017.
تلعب سهام عامر لعبتيّ “الكيك بوكسينغ، والمواي تاي”، ولم تكتفِ بهما كرياضة شخصية، بل تسعى إلى تدريب الفتيات اليمنيات، لخوض غمار المجال، وبذلك تغدو أول مدربة يمنية في هذا المجال.
تضيف سهام لـ”شباب هاوس”: من خلال تدريبي للفتيات أرى أن مستوى الإقبال على لعبتيّ الكيك بوكسينج والمواي تاي، يزيد يومًا عن يوم، العدد وصل لديّ إلى 200 متدربة، وما زال في ازدياد، ما دامت الأسر تدعم فتياتها إلى تحقيق إنجازات مغايرة في المجتمع”.
سهام الشابة العشرينية ذات الأصول اليمنية (العمرانية)، والتي ترعرعت في حواري صنعاء، حاصلة على بكالوريوس من كلية التربية – قسم رياضيات، لديها العديد من الهوايات، منها الفروسية، الرماية، السهم والقوس، بالإضافة إلى تأليف الروايات والقصص.
لا يوجد تاريخ محدد مجمع عليه لرياضة الكيك بوكسنغ، إلا أنها كانت تمارَس بأشكال مختلفة في تايلاند الهند وبلدان جنوب شرق آسيا – الهند الصينية، ثم راجت في أمريكا وأوروبا واليابان في القرن العشرين بأساليب مختلفة، وتأثرت بقوانين الملاكمة.
قبيل احتراف سهام للعبة الكيك بوكسينج، كانت أيضًا لاعبه دكنغ فو. تكواندجستنو، وحصدت في ذلك خمسة أحزمة سوداء في أكثر من لعبة قتالية.
بطولات وميداليات
شاركت سهام منذ التحاقها في السلك الرياضي في نحو 17 بطولة محلية وخارجية، وتنوعت جوائزها بين الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية، كان آخرها البطولة التي أقيمت في الأردن، وحصلت على ميداليتين ذهبيتين.
أول تحدٍّ واجهته سهام كان في بطولة الجمهورية، في عام 2016، كان المثبطون حولها ينثرون سموم كلماتهم بأن الحظ لن يحالفها، وأن خصمها قوي، ومتقدمة بسنوات طويلة على سهام، بيد أن إصرارها وعزيمتها مكّناها من تجاوز كل السلبيات، وتمكنت من الفوز عليها.
تقول سهام لـ”شباب هاوس”: “أدركت حينها أن في الحلبة المرء يقاتل نفسه، تعلمتُ على كيفية مواجهة خوفي، وإبراز ثقتي بنفسي”.
أيضًا من الصعوبات التي واجهتها هي محاولتها مشاركة المسابقات على حسابها الخاص، مؤكدة: “أخسر الكثير من البطولات بسبب الدعم من الجهات المعنية، لكن بسبب الوضع الاقتصادي الحالي تتكرر جملة لا يوجد دعم أو سيولة مالية”.
تتحدث سهام بسعادة غامرة عندما ترفع علم اليمن في المحافل الدولية، وتكتسح المجال الرياضي في مجتمع لا يزال ينمط أدوار النساء ولا ينظر إلى الرياضة إلا بكونها حكرًا على الرجال، لافتة إلى أن الدعم الأسري هو سر نجاح الفتيات في أيّ مجال يتجهن إليه.
تقدم سهام اليوم التدريب للفتيات في الأكاديمية الدولية لألعاب القوى القتالية، كما أنها حصلت سابقًا على تدريبات عززت من قدرتها على ذلك، مثل مشاركتها في دورة عبر الزوم من الجامعة الأسترالية، ومشاركة في بطولة الأندية الدولية للحصول على شهادات تدريب مدربين.
وترى سهام – في ختام حديثها لمنصة شباب هاوس – أن النساء، خصوصًا في اليمن، يحتجن إلى الرياضة؛ لأسباب، منها أنها تجعل الفتاة أكثر قوة ومواجهة، كما أنها تجعلها أكثر ثقة بنفسها، وذات جسد قوي، داعية الفتيات الطموحات إلى السعي نحو النجاح بكل قوة.