دهليزرئيسي

حاضنة إبداعية جديدة للشباب الموهوبين في المكلا 

كفنان أو مبدع في اليمن لا بد أن تواجه مشكلة غياب مساحاتك الحرة والمكان الذي يوفر لك أبسط احتياجاتك للإنتاج أو الإبداع، سواءً أكانت حاضنات إبداعية أو مساحات حرة تمارس من خلالها شغفك وفنك، فكونك مبدعًا في بلدٍ أنهكته الحرب لن تجد إلا روحك التي ما زالت حية تبحث عن مساحة حرة وسط كل الفراغات التي تواجهك.

خلال فترة الحرب كانت المشاريع الفنية غائبة تمامًا عن الساحة الثقافية في اليمن، وتضاءلت الأنشطة حتى أصبحت شبه منعدمة، ولأن الأفكار تولد من رحم الاحتياج، أتت فكرة “مراكز اليمن الإبداعية” كمشروع مختلف ومتميز يلم شتات الموهوبين في مساحات إبداعية تلبي احتياجاتهم للابتكار والإنتاج والمشاركة.

ومن هذه المراكز “مركز المكلا الإبداعي” الذي تُشرف عليه مؤسسة مدارات الثقافية، ضمن مشروع نُفِّذ في ثلاث محافظات بتمويل من الاتحاد الأوروبي، وبتمويل مشترك من معهد جوته الألماني، يهدف إلى إنشاء مراكز إبداعية في عدن وصنعاء والمكلا، لتوفير مساحات حرة للمبدعين والفنانين، مجهزة بالكامل.

منصة “شباب هاوس” سبق ونشرت عن مركز “عدن الإبداعي”، وستأخذكم هذه المرة بجولة للتعرف على مركز المكلا الإبداعي ومرافقه..

في استقبال المبدع

منذ دخولك “مركز المكلا” ستعرف من الوهلة الأولى أنه مصمم ليكون كل حائط وغرفة ومرفق فيه محاكيًا للإبداع بشكل متفرد يراعي مزاج المبدع واحتياجه، بداية من الريسبشن الذي ستعرف أنه ليس مكانًا اعتياديًّا للانتظار كما نشهده في العديد من الأماكن، لكنه مساحة هادئة يتوفر فيها الإنترنت والكوفي بريك وحائط عرض متعدد الأغراض.

كما يتوفر في المركز مساحة تسمى “ريلاكس”، فغالبًا ما يحتاج المبدعون والفنانون للهدوء لينعزل عن العالم ويخرج بفكرة أو ابتكار، ولهذا الغرض تم تأسيس هذه المساحة وصبغ حائطها بألوان تعطي شعورًا مريحًا ومحفزًا للمبدع، فهي المحيط الذي يوفر الهدوء والسكينة والسلام الداخلي.

مساحة عمل مشتركة

وفي مساحة أخرى توجد “مساحة عمل مشتركة” تغطي احتياج العديد ممن يبحثون عن مكان لمزاولة أعمالهم، ويتميز بالهدوء ليكون مكانًا مناسبًا للعمل، وتستوعب هذه المساحة 12 شخصًا.

ومرورًا بقاعة الاجتماعات يجد الزائر قاعة واسعة تسمى “المساحة الإبداعية”، وتعد أكبر قاعات المركز وأهمها، وتتسع لـ 90 شخصًا، والهدف منها إتاحة مساحة للفعاليات والأنشطة الجماعية لتكون المساحة الحرة للمبدعين.

وتحتوي هذه القاعة على خشبة مسرح يقام عليها العديد من الأنشطة المسرحية ومختلف الفعاليات الفنية والثقافية، وتوفر هذه القاعة مساحات عمل مشتركة إضافية، وركنًا للقراءة، وشاشة تلفاز ذكية متنقلة، وجدران عرض متعددة، ومزودة بسماعات صوت موزعة في أنحاء القاعة.

أستوديوهات للفنانين

برز في الآونة الأخيرة العديد من الشباب الذين نشطوا في الفنون الصوتية والرسم والتصوير، وهو ما يتيحه مركز المكلا الإبداعي في إحدى مساحته؛ إذ صمم المركز أستوديو متنوعًا بثلاثة أقسام تلبي احتياجات الفنانين في أربعة مجالات: “التسجيلات الصوتية والرسم الرقمي والمونتاج والتصوير”.

ومع بروز هذه الفئة الفنية واتساع رقعتها في الوسط الشبابي أصبحت الحاجة ملحه لوجود أستوديوهات احترافية ينتجون من خلالها أعمالهم بشكل احترافي ومتميز، ولهذا أتاح المركز في مساحاته أستوديو متنوعًا يشمل إبداع هذه الفئة بأقسامها الأربعة.

حيث يضم أحد هذه الأقسام أستوديو خاصًّا بإنتاج الأعمال الصوتية للفنانين والعازفين والمتخصصين في مجالات الصوت والبودكاست، ويستوعب عدد ثلاثة أشخاص، مصممًا بطريقة احترافية للعزل، ومزودًا بأجهزة تسجيل عالية الجودة.

كما تحتوي هذه المساحة أيضًا على أستوديو خاص بالرسم، فيه تاب رسم إلكتروني لمساعدة الفنانين بلوحاتهم الإبداعية، وسيتم إرفاق الأستوديو بأجهزة حاسوب عالية الأداء تحتوي على برامج المونتاج وتصحيح الألوان لتكون متاحة لصانعي الأفلام والبرامج.

وآخر أقسام هذه المساحة أستوديو التصوير والذي يتسع لمعدات التصوير الرئيسية مثل الكاميرات، والإضاءات والكروما، ويعتبر موقعًا مميزًا للتصوير وتسجيل البودكاست المرئي نتيجة للعزل الكامل والجيد لجدران المساحة.

أنشطة المركز

حظي المركز باهتمام كبير من قِبل شباب المكلا، حيث استقبل منذ افتتاحه، وبوقت قصير أكثر من 500 شخص من المستفيدين والزوار. 

ونفذ العديد من الأنشطة الثقافية والفنية، مثل “مشارف يمنية، لازم سينما، تنفسي فن، كاريوكي، فن الكاليجرافيتي، الصالون الموسيقي”.

كما أقام جلسات نقاشية عن العوائق التي يواجهها الفنانون في حياتهم المهنية، والتي تعتبر أكثر المواضيع أهمية في هذا الوقت الذي يواجه فيه الفنانون العديد من العراقيل والعوائق.

إضافة إلى ذلك أقام المركز جلسات تعريفية بمنح آفاق، التي تجد إقبالًا كبيرًا من الفاعلين الثقافيين في اليمن، وورش تصميم الأزياء والنحت على الزجاج لفئة الصم والبكم، كلفتة إنسانية وحس مجتمعي عظيم تعمل على دمجهم في المجتمع من خلال هذه الأنشطة، وكذا عمل المركز على إقامة ورش تدريبية في كتابة تصورات المشاريع الثقافية.

وبحسب المدير التنفيذي لمؤسسة مدارات شيماء بن عثمان لمنصة “شباب هاوس” الهدف من هذه الأنشطة هو اكتشاف وتنمية الموهوبين الفنانين والفاعلين الثقافيين، وتوفير مساحة آمنة لهم، والمساهمة في تمكينهم، ورفع الوعي بالسلام والتعايش، ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء الحركية او السمعية او البصرية، في المجتمع.

مؤكدة بأن المركز مهيأ لاستقبال أصدقائنا الفنانين من الصم والبكم، ويوفر مترجمًا للغة الإشارة في الكثير من الفعاليات.

تلبية للاحتياج

ووفقًا لشيماء بن عثمان، المركز جاء من احتياج حقيقي، حيث تفتقد حضرموت للحاضنة الثقافية الفنية التي توفر للفنانين مساحة حرة وآمنة للمشاركة بفنهم وتطوير مهاراتهم. 

مؤكدة أن المركز يوفر الاحتياجات التي من الصعب على الفنانين توفيرها في الوضع الحالي للبلاد بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.

وجود مثل هذه المساحات الحرة تمثل الكثير بالنسبة للمبدعين، وتدفعهم للاستمرار، وتثير في نفوسهم روح الابتكار، فأن يكون للمبدع بيت ووجهة، هذا يعني أن المبدع سيعرف طريقه للإنتاج.

*ينشر بالشراكة مع معهد جوته الألماني بمشروع مراكز اليمن الإبداعية الممول من الاتحاد الأوروبي وبتمويل مشترك من معهد جوته.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى