شُرْفة

البطل الحقيقي

كتب/ عاصم الشميري

أتساءل هل هناك أشرف من أن تعيش بقول الحقيقة وتموت لأجلها؟.. إنه الشرف العظيم الذي سيلازم اسم المكحل، هذا الثائر والعظيم الذي لم يخشَ إلا ظلم الناس وعناءهم وفقرهم، وصدح بصوته ووجهه وهو يظهر للناس من خلال كاميرا تلفونه، ويتحدث عن مظالمهم وعن انتهاكات سلطة الحوثيين، منددًا بالوضع المعيشي والإنساني.

جاء من دون دعم مالي أو آليات عسكرية.. من عامة الشعب قرر أن يكون البطل الأوحد في هذه المرحلة، أن يقول الحق دون رعب، وبشجاعة أذهلت الجميع.

المكحل شاب في الثلاثين من عمره لديه طفلان، عُرف بشجاعته الكبيرة وقوله الحق أمام سلطة لم تسمح لأحد بقول شيء، تهدد وتعتقل وترعب الناس..

حتى إن فكرت بانتقادهم، ستفكر ملء رأسك بعواقب هذا الفعل، التي بالتأكيد ستكون وخيمة، أقلها السجن، وأغلبها القتل.

سجن المكحل في شهر أكتوبر من العام المنصرم، وبعدها بخمسة أشهر خرج من المعتقل جثة هامدة، بعد أن تمت تصفيته ورميه من أعلى بناية، ليقولوا أن سبب موته هي محاولة هروبه وسقوطه من هذه البناية.

متفقون تمامًا أن لا أغبى من هذه العصابة، وأن أسلوبها المبتذل في استغباء الناس أصبح مستفزًّا للغاية، فبغبائها هذا تظن أنها أذكى من المجتمع، الذي لم يصدق ولن يصدق هذه الأعذار الواهية.

وقف المكحل بكل قوة وصلابة وتحدث بالحق: “أنتم سرق، أنتم فاسدون، أنتم لصوص ونهابون، جوعتم الشعب وأكلتم حقوقه وتعذرتم بالحرب…”، فما كان منهم إلا اعتقاله وتعذيبه.

بطش بحق الناس، ويروون أنهم دون سواهم من يسمح لهم بممارسة حياتهم وأفكارهم المسمومة.. من سيخرج عن طاعتهم أو سيتحدث عنهم مصيره السجن، وبعدها الموت.

ليست قضية المكحل هي القضية الوحيدة، بل هناك مصطفى المومري وأحمد حجر وأحمد علاو ومحمود المصباحي، كل منهم حكم عليه بالسجن من ثلاث سنوات إلى سنة ونصف، وغرامات مالية، وإغلاق لقنواتهم على اليوتيوب، وغير ذلك قامت الاستخبارات باستجوابهم وابتزازهم وتصويرهم ونشر الفيديوهات على الملأ وهم ينتزعون منهم اعترافات تبرر جريمتهم البشعة.

يدفن اليوم المكحل، ويصرخ أهل إب في جنازته الكبيرة والمهولة، “لا إله إلا الله.. الحوثي عدو الله”. وهذا ما يقوله اليمنيون كل يوم في نفوسهم، وبدأوا بقوله بصوت عالٍ.

فلم يسبق أن كان لنا أبطال حقيقيون خلال المرحلة الماضية إلا قلة قليلة، وأصبح المكحل هو أيقونة الثورة، وبطل هذه المرحلة القاسية التي يعيشها كل اليمنيين، بكل صمت.

وداعًا أيها الثائر الحر.. نشعر بالخجل أمامك.. وثِق أننا بموقف مخزٍ للغاية.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى